الحروف. ثم نظرت إلى كثرة ما يتكرر من الحروف، ويروج مع غيره فإذا وجدت في بيت قد رسمت حروفه طيرا في التمثيل؛ غرابا يتكرر مع عصفورة، وعصفورة تتكرر مع غراب علمت أن أحدهما ألف والآخر لام، فان وقعا في طرفي الكلمة دبرت ما يحتمل أن يكون حشوهما فان وقعا في جانب من الكلمة نظرت ما يحتمل أن يكون قبلهما من الحروف أو بعدهما فوصلته بهما ثم تأملت كلمة على حرفين فعملت على أنهما (من) أو (عن) أو (في) أو (قد) أو (بل) أو (هل) أو (إذ) أو (أو) أو (ما) أو (مذ) أو (أو) أو (إن) أو بعض الكلمات التي تشاكلها على ما تقتضيه الكلمة التي قبله والكلمة التي بعده، وربما كان الحرفان من حروف الأمر كقولك (خذ) و (دع) و (سر) و (قل) و (خف) و (نم) و (سل). ثم تأملت ما يطول من الكلمات فعلمت أنه (استفعال)، وربما كان مضافا إلى مؤنث فتزداد الكلمة طولا فتصرفها على ما يقتضي من صورتها من (استفعله) أو (يستفعله) أو (تستفعلها) أو (يستفعلها) أو (مفاعلات) مضافة أو غير مضافة، وتعمل على ابتداء المصراع الثاني من الحروف واوا في بعض الحالات على جملة من النظر لا على الحقيقة، وكذلك أكثر أوائل الكلمات في الحشو، وإذا لاح لك أن الكلام مما يعطف بعضه على بعض تعمل على أنها حروف عطف من واوات أو فاءات. فاذا حققت إصابة حروف البيت دبرت حينئذ وزنه وعملت على أن تجعل لحروف البيت قالبا من تقديرك بالحركات والسواكن حتى إذا وزنت البيت بالمعيار الذي تقيسه به انتهى معيارك عند فناء الحروف ولم يفضل منها شيء، ولم يفضل المعيار عليها، فان فضل أحدهما على آخر غيرت المعيار والمقايسة، وقست قياسا ثانيا للوزن ودبرت الحروف على خلاف تدبيرك الأول فتقيس