للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ألحقَ علامةَ التَّثنيةِ والجمعِ فمذهبُه أحسنُ؛ لأنَّها أدَلُّ على الحكايةِ بتمامِ الموافقةِ في الوجهينِ: من الإعرابِ, وعلامة التثنيةِ والجمعِ, وهي -مع ذلك- أشَدًّ مشاكلةً لما قُصدَ به الحكايةُ, فكان ذلك أحسنَ؛ لهذه العلةِ, والمذهبُ الأولُ حسنٌ أيضاً؛ لما بيَّنا قبلُ.

وقياسُ (أيٍّ) في المذهبِ الأول التسويةُ بينهما وبين (من) في إسقاطِ علامةِ التثنيةِ والجمعِ؛ لأن المُوافقةَ في الإعرابِ تكفي في الدليلِ على الحكايةِ, فالعلةُ فيهما واحدة؛ إذ كان إنَّما هو مبنيٌّ على أقلِّ ما يكون الدليلُ على الحكايةِ, فعلى هذه العلةِ لا بُدَّ من إسقاطِ علامة الجمعِ والتثنيةِ.

ووجه مذهبِ يونُس في قوله: منةٌ يا فتى؟ ومنةً؟ ومنةٍ؟ في الوَصلِ؛ قياسُه على أيٍّ.

وسيبويهِ يستبعدُ هذا القياسَ؛ لما بيَّنا قبلُ من إعرابِ: أيٍّ, وبناءِ: من, ولكن يجوزُ في الضرورةِ كما قال الشاعرُ:

(أتَوا نَاري فقُلتُ منون أنتم ... فقالوا الجنُّ قُلتُ عموا ظلاما.)

فهذا في الضرورةِ, ولو كان في الكلام /٨٤ ألوجَبَ: من أنتم؟ .

وحكى يونُسُ أنَّه سمعَ بعض العربِ يقولُ: ضرب منٌ مناً؟ , كأنَّه قالَ: ضربَ رجلٌ رجلاً, فاستفهَمَه على هذه الجهةِ من طلبَ الحكايةَ, فقال: ضربَ,

<<  <   >  >>