وَهُوَ أن يأتي باسم شيخه أَوْ كنيته عَلَى خلاف المشهور بِهِ تعمية لأمره وتوعيراً للوقوف عَلَى حاله. وهذا النوع حكمه أخف من السابق، وفي هَذَا النوع تضييع للمروي عَنْهُ وللمروي وتوعير لطريق مَعْرِفَة حالهما. ثُمَّ إن الحال في كراهيته يختلف بحسب الغرض الحامل عَلَيْهِ، إِذْ إن من يدلس هَذَا التدليس قَدْ يحمله كون شيخه الَّذِيْ غيّر سمته غَيْر ثقة، أو أصغر من الرَّاوِي عَنْهُ، أو متأخر الوفاة قَدْ شاركه في السَّمَاع مِنْهُ جَمَاعَة دونه، أو كونه كثير الرِّوَايَة عَنْهُ فلا يحب تكرار شخص عَلَى صورة واحدة.
الثالث: تدليس التسوية:
وَهُوَ أن يروي عَنْ شيخه، ثُمَّ يسقط ضعيفاً بَيْنَ ثقتين قَدْ سَمِعَ أحدهما من الآخر أو لقيه، ويرويه بصيغة محتملة بَيْنَ الثقتين. وممن اشتهر بهذا النوع: الوليد بن مُسْلِم، وبقية بن الوليد. وهذا النوع من التدليس يشترط فِيْهِ التحديث والإخبار من المدلس إلى آخره.
تنبيه: هذا النوع من التدليس قَدْ سماه القدماء تجويداً. فتح المغيث ١/١٩٩،وتدريب الرَّاوِي ١/٢٢٦،وشرح ألفية السيوطي: ٣٦ - أي يذكر فيه الجياد من أهل الإسناد، أو أنه جعل ظاهر الإسناد جيداً بهذا الصنع القبيح، أو لأن المدلس يبقي جيد رواته -. وسماه صاحب ظفر الأماني: ٣٧٧ بـ: " التحسين " - أي أن المدلس يحسن ظاهر الإسناد.
وسمي هذا النوع من التدليس تسوية؛ لأن فاعله يسقط المجروح من الإسناد من بعد شيخه ليستوي حال رجاله في الثقة.
الرابع: تدليس العطف:
وَهُوَ مثل أن يقول الرَّاوِي: حَدَّثَنَا فُلاَن وفلان، وَهُوَ لَمْ يَسْمَع من الثاني.
الخامس: تدليس السكوت:
وَهُوَ كأن يقول الرَّاوِي: حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ، ثُمَّ يسكت برهة، ثُمَّ يقول: هشام بن عروة أو الأعمش موهماً أنه سَمِعَ منهما، وليس كذلك.