للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الغش في المطعومات: القمح والشعير وجميع القطائن

ومن ذلك الغش الذي يكون في المطعومات وغيرها. فمنه عدم غربلة القمح والشعير وجميع القطائن مما يمكن فيها من الغلث لأن بقاءها من الغش الذي يزداد للبائع في كمية المبيع مما ليس منه بحيث لو تجرد الغلث الذي وقع الغش به لم يساو شيئا ففي "أحكام السوق" وسئل عن أهل الأفران البائعين الخبز هل يغربلون القمح والشعير والفول والعدس والحمص وجميع القطائن. فقال عن مالك لا تبيعوا ذلك حتى تغربلوه ورواه ابن وهب قال ابن عمر أرى أن يلزموا ذلك وفي المدونة يغربل القمح والشعير للبيع وهو الحق الذي لا شك فيه فظاهره مثل تقييد ابن عمر.

وخصص ابن رشد وجوب الغربلة بالغلث الكثير في كتاب السلطان وأما غربلة القمح والسلت عند البيع فذلك واجب إن كان التبن والغلث فيه كثيرا يقع في أكثر من الثلث لأن بيعه على ما هو عليه من الغرر. ومستحب إن كان التبن والغلث فيه يسيرا. ومنه خلط الجيد بالدني والفائق بالردي. قال مالك فيمن خلط قمحا بشعير لقوته أكره بيع ما فضل له منه وإن قل وكذلك التمر والعسل والسمن وقال رب السفينة يبتاع القمح الأسمر والمشعر ثم يشتري أبيض يصب عليه الأبيض ويخلط قال فلا خير فيه وليجعل كل شيء على حدة.

الغش في الزيت والسمن

وفي سماع عيسى وسألته عن الرجل يخلط الزيت الردي بالزيت الجيد والسمن الجيد بالردي والقمح الردي بالجيد هل ترى يحل من هذا شيء. قال ابن القاسم لا خير فيه ولا يحل وهذا من الشر فلا يحل وإن كان يريد أن يبين إذا باع فلا خير في ذلك ولا يحل له خلطه ولا أدري كيف سألت عن هذا قد قال لي مالك في شيء سألته عنه أنت حتى الساعة ها هنا تسأل عن مثل هذا؟

قال ابن رشد رحه هذا كما قال إن خلط الجيد بالردي للبيع من الغش الذي لا يجوز لأحد أن يفعله ولو بين عند البيع أنه مخلوط وينبغي للإمام أن يمنع منه ويضرب عليه. فإن فعل كان للمشتري أن يرد وإن بين أنه مخلوط جيد بردي إلا أن يبين مقدار الردي الذي خلطه بالجيد وصفتهما جميعا قبل الخلط حتى يستوي عليهما فيه فلا يكون للمشتري حينئذ أن يرد ويكون هذا قد باء بالإثم في خلطه إذ قد يغش به غيره لأنه ممكن أن يغش

<<  <   >  >>