للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نقل الطعام من بلد إلى آخر يمنع منه إذا أضر ويسوغ إذا لم يضر في المشهور وتجري في ذلك بقية الأربعة أقوال المتقدمة في نفس الحركة.

حكم التسعير على الناس فيما يبيعونه

وأما التسعير على الناس فيما يبيعونه فقد أنكره مالك وشدد النكير فيه ورآه من التحكم وقال أيضا إنه من الظلم ودليله ما روى غير واحد عن سحنون وغيره بسندهم إلى أنس أن أناسا أتوا النبي صلعم فقالوا له سعر لنا يا رسول الله فقال يا أيها الناس إن غلاء أسعاركم ورخصها بيد الله وأنا أرجو الله أن ألقاه وليس لأحد منكم عندي مظلمة في مال ولا دم.

ومن طريق ابن وهب أنه غضب يومئذ حتى عرف الغضب في وجهه وقال: السوق بيد الله يحفظها ويرفعها ولكن مروهم فليخرجوا متاعهم إلى البراز وليبيعوا كيف أحبوا. وقال لا يسألني الله عن سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني بها ولكن سلوا الله من فضله. قال في تنبيه الحكام التسعير على الناس تحكيم بغير الحق في أموالهم وإجبارهم على بيعها بما لا يرضيهم حرام ومنكر يجب القيام بتغييره لأنه كالغضب وقد قال النبي صلعم لما سئل التسعير إن الله هو القابض الناس والمغلي والمرخص وإني لأرجوا الله أن ألقاه وليس لأحد عندي مظلمة ظلمته إياها في عرض ولا مال فامتنع صلعم من ذلك وبين أنها مظلمة.

قلت جعله التسعير هو المنكر الذي يحتسب في تغييره على فاعله دليل على أنه لم يعتد بقول من أجازه في حق أهل الأسواق فقد نقل ابن أبي زيد في نوادره عن سعيد بن المسيب وربيعة ويحيى بن سعيد إجازته إذا كان الإمام عدلا وكان ذلك صلاحا للمسلمين ونفعا لهم وإنما لم يعتد بخلافهم والله أعلم لما أبانه قول النبي صلعم بطريق التفهيم أن ذلك من المظالم لما قال إني ألقاه وليس لأحد عندي مظلمة في جواب السائل منه التسعير فكان ذلك من العام الوارد على سبب ويدخل السبب في عديد أفراده عند المحققين ولا يقصر على سببه وإذا كان التسعير من هذا الوجه مظلمة من المظالم فهو لا محالة من المناكر التي تغير على فاعلها.

وذلك نص على ما نقل عن مالك حيث قال لا يسعر على أهل السوق لأن ذلك ظلم فلم يختلف إذن أن التسعير ممنوع في حق الجالب واختلف هل هو ممنوع في حق سوقي البلد أو ليس بممنوع على قولين قال في سماع ابن القاسم وسئل مالك عن صحاب السوق يريد

<<  <   >  >>