لذلك بوجوه من التأويلات للانفصال * واجتلاب ذلك لهذا الإملاء المقصود به إعمال الاختصار ما أمكن يوسع دائرة النطاق * ويكثر بتعديده تعداد أشخاص الأوراق * ولكن نكتفي من ذلك بأهم المنقول * وعلى مولانا سبحانه الاعتماد والتكلان في التوفيق لصلاح المقول.
قال الشيخ أبو الوليد بن رشد رضي الله عنه في كتاب السلطان من العتبية لما تكلم على مسأل غش الزغفران واللبن: إن العقوبة بالمال أمر كان في أول الإسلام.
من ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة أن خذوها منه وشطر ماله غرومة عن غرمات ربنا. وما روي عنه عليه السلام في حرميته الجبل فيها غرامة مثليها وجلدات نكالًا. وما روي عنه عليه السلام إن من أخذ يصيد في حرم المدينة شيئا فلمن أخذه سلبه.
ومن مثل هذا كثير.
قال: ثم نسخ ذلك كله بالإجماع على أن ذلك لا يسوغ وعادت العقوبة في الأبدان خاصة * ومن ذلك ما وقع في كتاب الجامع من العتبية أيضًا في حكاية عن مروان بن الحكم في شدته في الحدود قال: قال مالك حدثنا يحيى بن سعيد. أن امرأة خرجت إلى بعض الحرار فلما نزلت قرقرة عرض لها رجل من أصحاب الحمر فنزل إليها ثم أرادها عن نفسها فكشف ثيابها فامتنعت منه بحجر فشجته ثم صاحب فذهب فأتت مروان بن الحكم. وكانت فيه شدة في الحدود. فذكرت ذلك له فسألها عن اسمه فلم يعرفه (تعرفه) وقال: أتعرفينه إذا رأيته؟ قالت: نعم فأدخلت بيتًا ثم قال: إيتوني بالمكارين الذين يكرون الحمر. وقال: لا يبقى أحد أكريتموه إلا جئتموني به. فأتوه بهم. فجعل يدخل عليها رجلًا رجلًا.
فتقول: ليس هو حتى دخل عليها به مشجوجًا فقالت هو هذا. فأمر به مروان فحبس في السجن فأتى أبوه فكلمه فيه فقال مروان
جانيك من يجني عليك وقد * تعدي الصحاح مبارك الجرب
فلرب مأخوذ بذنب عشيره * ونجا المقارف صاحب الذنب
قال أبوه ليس كذلك إنما قال الله عز وجل:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} فقال مروان: لا. ها الله إذا لا يخرج منها حتى ينقدها أف درهم بما كشف عليها.
فقال أبو هي علي فأمر به مروان فأخرج فقيل لمالك: أترى هذا من القضاء الذي يؤخذ به؟ فقال: ليس من القضاء ولكنه على غلطة من مروان ولقد كان مروان يؤتى إليه بالرجل وقد قبل المرأة فينزع ثنيته.
قال الشيخ ابن رشد رضه: ما تضمنته الحكاية عن مروان بأنه قضى المرأة بدعواها على المكاري الذي ادعت عليه من كشفه إياها مع الشبهة التي ألحقت التهمة