أما نحن فإنا نجوز التقليد للجاهل، ويجوز الأخذ بعض الأوقات عند الحاجة بالرخصة.
من أقوال بعض العلماء من غير تتبع الرخصة، ومن هذا الوجه قد يصح أن يقال: الاختلاف رحمة، فإن الرخص من الرحمة:
مثاله إذا كان يشخص مبتلى بسلس البول أو نحوه ولا يكاد يخلو ثوبه أو بدنه عن نجاسة بسيرة، ويشق عليه التنزه عنها، ولو ترك النوافل بسببها فاته خير كثير، وربما يشق عليه التنزه عن النجاسة اليسيرة في الفرض أيضا، وهو معتقد أن النجاسة اليسيرة غير معفو عنها، (لتمذهبه بمذهب من يرى ذلك، فإذا قلد من يرى العفو عنها) وصلى كان في ذلك رخصة له ورحمة وإدراك أجر كثير.
وهذا لا ينافي قطعنا أن الاتفاق خير من الاختلاف فلا تنافى بين الكلامين، لأن جهة الخيرية تختلف، /وجهة الرحمة تختلف، فالخيرية في العلم بالدين الحق الذي كلف الله به عباده، وهو الصواب عنده، والرحمة في الرخصة له، وإباحة الإقدام بالتقليد على ذلك.
ورحمة نكرة في سياق الإثبات لا يقتضي العموم، فيكفي في صحته أن يحصل في الاختلاف رحمة ما، في وقت ما، في حالة ما، على وجه ما، فإن كان ذلك حديثا، فيخرج على هذا، وإن لم يكن حديثا ويكون من كلام أحد من العلماء فمخرجه على هذا.