أما إذا كان حيث لا يجبر فينبغي أن لا يدخل في ملكه، إلا برضاه، والأصحاب لم يصرحوا في هذه الصورة بشيء، ولكن إطلاقهم يقتضي القبول، والإمام استشكل القبول وأطلق هذا الاستشكال أيضا، والصواب عندي التفصيل الذي ذكرته.
وأما المسألة الثانية: فإن احتف بخبر المميزة قرائن تفيد العلم بصدقها، فلا شك في قبولها والتصرف فيها، والاستمتاع بها، وقد حكى الإجماع على أنه يحل للزوج الإقدام على وطء الزوجة، التي زفت إليه ولم يرها قط قبل ذلك، بل عقد عليها هو أو وكيله في الغيبة، ولكنه اعتماد على النسوة اللاتي معها، والقرائن المحتفة بذلك.
وهذا الإجماع المحكى لا شك فيه، فهو معلوم من عمل الناس، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وإن لم تنته القرائن إلى حد إفادة العلم، بل حصل غلبة الظن فكذلك، ويحل الاستمتاع والوطء لغلبة الظن، وإن حصل/ ظن الصدق مستندا إلى خبرها فقط، من غير قرينة جاز قبولها، والتصرف فيها، لإطلاق الأصحاب جواز قبول الخبر في حمل الهدية.
وأما الاستمتاع والوطء فينبغي أن يتوقف فيه، على قرينة احتياطا للأبضاع، وبدون ظن الصدق لا يحل الوطء، ويجوز القبول إذا لم يظن الكذب، لأن الظاهر الصدق في الخبر. والله أعلم.