وإنما قبلناها في الاستفاضة عن غير معاينة، لأن قرينة الحال وهو كون ذلك الأمر لا يعاين صرفت لفظ الشهادة من معناها إلى معنى العلم القطعي فلهذا قبلنا قوله: أشهد برؤيته، وحملناه على أنه أراد رؤية نفسه، ولهذا تقبل الشهادة بالإقرار والتتابع، وشبهته، وإن احتمل التوسط، لكن قبلناه تنزيلا للشهادة على المعاينة، حتى لو تبين خلاف ذلك، كانت شهادة زور، وأما الشهادة بأنه رئى، فيحتمل أن يحمل على أنه الرائي لذلك، ويحتمل أن يحمل على أن الرائي غيره/ لأن قرينه البناء لما لم يسم فاعله تبعد أن يكون هو الرائي.
وعبارة الشافعي في (المختصر) في باب العيدين: ولو شهد عدلان في الفطر، بأن الهلال كان بالأمس وهذه صيغة أخرى، لم يتعرض فيها للرؤية، أصلا، فإذا شهد الشاهد بوجود الهلال، يحتمل أن يقال لا يقبل، لأن الهلال في السماء دائما، وتتفاوت رؤيته، ويحتمل وهو الأصح أنه يقبل، لأن الهلال اسم له عند إمكان رؤيته مأخوذ من الاستهلاك وهو رفع الصوت عند رؤيته، وقول الناس طلع الهلال، أقرب إلى القبول، من قوله وجد أو كان.
البحث الخامس: قوله اشهد أن الليلة أول الشهر، ليس فيه تعرض