للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتقاد ضعف النص باجتهاد خالفه فيه غيره، كتضعيفه لراو وثقه غيره، ومن ذلك أن بعض الأئمة كان لا يرى قبول حديث أصله غير حجازي " شامي أو بصري.. " وبعضهم رأى هذا الرأي ثم رجع ومما أثر في ذلك كلمة الشافعي لأحمد: يا أبا عبد الله إذا صح الحديث فأعلمني حتى أذهب إليه شاميًا كان أو عراقيًا. ولعل من ذلك مخالفة الأحناف لغيرهم في القهقهة فالإمام أبو حنيفة أخذ بحديث القهقهة في الصلاة، وجعل القهقهة من نواقض الوضوء، ومن مبطلات الصلاة، (١) مع أن الحديث الذي استدل به ضعيف عند الأئمة،.. لكن عذره في ذلك ظنه أن الحديث صالح للاحتجاج به، وهذا ليس فيه مذمة له - رحمه الله - بل هو في العلم والفضل من هو، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيميه: "ومن ظن بأبي حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره فقد أخطأ عليهم، وتكلم إما بظن، وإما بهوى، فهذا أبو حنيفة يعمل بحديث التوضؤ بالنبيذ في السفر (٢) مخالفة للقياس، وبحديث القهقهة في الصلاة مع مخالفته للقياس، (٣) لاعتقاده صحتهما، وإن كان أئمة الحديث لم يصححوهما "


(١) انظر الهداية شرح بداية المبتدي ١ / ١٠٦.
(٢) الحديث رواه الدارقطني بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا قهقه أعاد الوضوء وأعاد الصلاة، ثم قال الدارقطني: «فهذه أقاويل أربعة عن الحسن كلها باطلة؛ لأن الحسن إنما سمع هذا الحديث من حفص بن سليمان المنقري عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية الرياحي مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -» ا. هـ، انظر سنن الدارقطني كتاب الطهارة - باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها ١ / ١٦٤-١٦٥، وانظر في تمام تخريجه نصب الراية للزيلعي مع الهداية ١ / ١٠٦-١١٤.
(٣) يشير إلى حديث عبد الله بن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له -ليلة الجن- ما في إداوتك قال: نبيذ، قال تمرة طيبة وماء طهور، رواه الإمام أحمد في مسند ابن مسعود ١ / ٦٦٣، وأبو داود في سننه ١ / ٢١، برقم ٨٤، وانظر سنن ابن ماجه١ / ١٣٥، رقم ٣٨٤، وسنن الترمذي ١ / ١٤٧، رقم ٨٨، قال الحافظ في الفتح ١ / ٣٥٤: «وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه» .

<<  <   >  >>