للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الخفاجي (ت ١٠٦٩هـ) أنّ (البارود) بالدال المهمَلة، وأنّ استخدامه بالتاء (باروت) غلط (١) .

وقد اعتُرض على هذا الحكم من الخفاجي: بأنّ (الباروت) بالتاء غلط؛ وذلك لأنّ (البارود) إنما هو تعريب (بورتيس) باليونانيّة، وهو حجر معدني تخرج منه النار عند القَدْح. وهذه الكلمة اليونانيّة مشتقّة من (بُور) بمعنى النار، مما يجعل (الباروت) بالتاء هو الأصل، وليست تركيّة كما قال طُوبيا العُنَيْسي (٢) ، وعبد الصبور شاهين (٣) .

والذي يظهر لي: أنّ (البارود) يكون بالدال المهملة، ويكون بالتاء (الباروت) وذلك لأنّ العرب قد استخدمت في لهجاتها كلمات وردت بالدال تارة، وبالتاء تارة أخرى، من ذلك قولهم: (رجُل ِصْنِديد وصِنْتيت) : إذا كان كريما (٤) ، وقولهم: قَرَت الدمُ، وقَرِد الشيءُ (٥) . وقد تعاقبت التاء والدال في كثير من كلام العرب (٦) .

ومثل هذا التصرُّف في إبدال حروف بعض كلمات العرب، يحدث الإبدال - أيضا - في حروف الكلمات المُعَرّبَة التي تنقلها العرب إلى لغتهم؛ لأنّ العرب ((كثيرا ما يجترئون على تغيير الأسماء الأعجميّة إذا استعملوها، فيبدلون الحروف


(١) شفاء الغليل: ٩٨، وقصد السبيل: ٢٤٣.
(٢) تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية: ٦، وسواء السبيل: ١٨ـ١٩.
(٣) انظر كتابه: دراسات لغوية: ٣١٢.
(٤) الإبدال، لأبي الطيب اللغوي: ١/١٠٧.
(٥) الخصائص: ٢/١٥٨.
(٦) ينظر: الإبدال، لابن السكيت:٥٣، والإبدال، للزجاجي: ٤٢.

<<  <   >  >>