والقذر. وتركني أنوح عليه بزفرات تترى، وأبكي بأجفان شكرى. ثم ناولني لفافة سبنية، وقال: إذا أصبحت فخذها إلى القاضي برسم الهدية. وانطلق يعدو في العراء، ولا يلتفت إلى الوراء. قال: ففضضت تلك الغاشية، وإذا الكتاب فيها كالهشيم فضمته الماشية، وقد علق فيه على الحاشية:
هذا القتيل المهتدى بناره ... جئت إلى القاضي لأخذ ثاره
من جرذ الفندق أو من فاره، ... وهو لحب اللبث في جواره
أوصى بأن ندفنه في داره
فائتمرت بإشارته وأطرفت القاضي بعبارته. فضحك حتى هوت قلنسوته، والتوت عنصوته. وقال: هل لك أن ترده فأحتمل من كرامته، فوق ما احتملت من غرامته؟ قلت: هيهات إنه والعقاب، فرخان في نقاب وكان ذلك بيننا وسيلة الوداد والترداد، حتى خرجت من تلك البلاد.