على نَبِي قبلي وَلَا يهْبط على أحد بعدِي وَهُوَ إسْرَافيل، فَقَالَ أَنا رَسُول رَبك إِلَيْك أَمرنِي أَن أخيرك إِن شِئْت نَبيا عبدا وَإِن شِئْت نَبيا ملكا) الحَدِيث، وَهَذَا كَالَّذي قبله بعد ابْتِدَاء الْوَحْي بسنين كَمَا يعرف من سَائِر طرق الْأَحَادِيث، وهما ظاهران فِي أَن إسْرَافيل لم ينزل إِلَيْهِ قبل ذَلِك، فَكيف يَصح قَول الشّعبِيّ إِنَّه إتاه فِي ابْتِدَاء الْوَحْي.
١٧٥ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل يمر الْكَافِر على الصِّرَاط؟ فَأجَاب بقوله: فِي أَحَادِيث مَا يَقْتَضِي أَنهم يَمرونَ وَفِي أَحَادِيث مَا يَقْتَضِي خِلَافه، وَجمع بِحمْل الأول على الْمُنَافِقين.
وَقد صرح الْقُرْطُبِيّ بِأَن فِي الْآخِرَة صراطين صِرَاط لعُمُوم الْخلق إِلَّا مَنْ يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَمن يلتقطعهم عُتُق النَّار، وصراط للْمُؤْمِنين خَاصَّة وَبِه يعلم أَن مَنْ يلتقطهم عتق النَّار وهم طوائف مَخْصُوصَة من الْكفَّار لَا يَمرونَ على الصِّرَاط أصلا، وَكَذَلِكَ بعث النَّار الَّذِي يخرج من الْخلق إِلَيْهَا قبل نَصْبّ الصِّرَاط، وهم طوائف من الْكفَّار أَيْضا. قيل: الظَّاهِر أَنه لَا يمر عَلَيْهِ إِلَّا المُنَافِقُونَ وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى. فقد ورد فِي الحَدِيث (أَنهم يحملون عَلَيْهِ ثمَّ يسقطون فِي النَّار) ، وَكَذَلِكَ من ينصب لَهُ الْمِيزَان من الْكفَّار وهم طَائِفَة مَخْصُوصَة مِنْهُم يَمرونَ عَلَيْهِ.
١٧٦ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل يحْشر أحد غير عَار؟ فَأجَاب بقوله: نعم، بعض النَّاس: أَي وهم الشُّهَدَاء يحشرون فِي أكفانهم كَمَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ، وَحمل على ذَلِك الحَدِيث الصَّحِيح (يبْعَث الْمَيِّت فِي ثِيَابه الَّتِي يَمُوت فِيهَا) . وَجَاء عَن عمر ومعاذ رَضِي الله عَنْهُمَا (حسِّنوا أكفان مَوْتَاكُم فَإِن النَّاس يحشرون فِي أكفانهم) ، وَهَذَا مِنْهُمَا لَهُ حكم الْمَرْفُوع. وَأخرج الدينَوَرِي عَن الْحسن (أَن أهل الزّهْد كالشهداء) ، وَهُوَ فِي حكم الْمُرْسل الْمَرْفُوع، وَإِذا ثَبت ذَلِك لهَؤُلَاء فالأنبياء أولى. وَصَحَّ حَدِيث (إِن النَّاس يحشرون يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة أَفْوَاج: فَوْج طاعمين كاسين راكبين، وفوج يَمْشُونَ ويسعون، وفوج تسحبهم الْمَلَائِكَة على وُجُوههم) . ١٧٧ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل يُوزن الْإِيمَان مَعَ الْحَسَنَات؟ فَأجَاب بقوله: حكى الْقُرْطُبِيّ عَن الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ أَنه لَا يُوزن لِأَنَّهُ لَا يُقَابل إِذْ لَا يُمكن كَون الْإِنْسَان يجمع إِيمَانًا وَكفرا وَمَا فِي الْأَحَادِيث مِمَّا يَقْتَضِي وَزنه مؤول بِأَن المُرَاد الزِّيَادَة فِيهِ على أَصله الْوَاجِب.
١٧٨ - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ: هَل يحْشر الطِّفْل على صورته؟ وَهل يتَزَوَّج من الْحور الْعين؟ وَهل الْولدَان من جنس الْحور؟ فَأجَاب بقوله: الطِّفْل يكون فِي الْحَشْر على خلقته، ثمَّ عِنْد دُخُوله الْجنَّة يزْدَاد فِيهَا حَتَّى يكون كَالْبَالِغِ ثمَّ يتزوّج من نسَاء الدُّنْيَا وَمن الْحور وهنّ والولدان جنس وَاحِد.
١٧٩ - وَسُئِلَ رَحمَه الله: عَمَّن روى حَدِيث: (يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة جردا مردا بيضًا مُكَحَّلِينَ أَبنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ على خَلْق آدم سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي عرض سَبْعَة) من رَوَاهُ؟ فَأجَاب بقوله: رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) .
١٨٠ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ، بِمَا لَفظه: مَا معنى قَول التَّاج السُّبْكِيّ فِي (ألغازه) : مَنْ بِاتِّفَاق جَمِيع الْخلق أفضل مِنْ شيخ الصحاب أبي بكر ومِنْ عمر وَمن عليِّ وَمن عُثْمَان وَهُوَ فَتى من أمة الْمُصْطَفى الْمَبْعُوث مِنْ مُضَر مَنْ أبصرتْ فِي دمشق عينُه صنما مصوّراً وَهُوَ منحوت من الْحجر إنْ جَاع يَأْكُل وَإِن يعطش تضلَّع من مَاء زُلالٍ ثمَّ غير مُنْهَمِرٍ مَنْ قَالَ إنَّ الزِّنَا وَالشرب مصلحَة وَلم يقل هُوَ ذَنْب غير مغْتَفر مَنْ قَالَ إنْ نِكَاح الْأُم يقرِّب مِنْ تقوى الْإِلَه مقَالا غير منتكر مَنْ قَالَ سفك دِمَاء الْمُسلمين على الص لاة أوْجَبَه الرَّحِمان فِي الزبر فَأجَاب بقوله رَحمَه الله (من) الأولى وَالثَّانيَِة وَمَا بعْدهَا اسْتِفْهَام نفي أَو إِنْكَار: أَي لم يقل ذَلِك أحد كَذَا حلّه النَّاظِم وَجوز فِيمَن قَالَ (إِن الزِّنَا) أَن مِنْ مُبْتَدأ خَبره غير مغتفر: أَي لَا يغْتَفر لَهُ هَذَا القَوْل، وَفسّر غَيره (الْفَتى) بِعِيسَى وَأبقى (من) على حَالهَا لَكِن بَالغ فِي إِنْكَار تَسْمِيَة عِيسَى فَتى فَلَو عبر بشخص تمّ لَهُ ذَلِك، وَقَوله: (من أَبْصرت) الخ أَرَادَ بِهِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور بِسَنَدِهِ إِلَى أبي عبد الله البوشَنْجي عَن عبد الله بن يزِيد الدِّمَشْقِي عَن عبد الرَّحِمان بن يزِيد بن جَابر قَالَ: رَأَيْت بِبَغْدَاد صنماً مِنْ نُحاس إِذا عَطش نزل فَشرب. قَالَ البوشنجي: رُبمَا تَكَلَّمت الْعلمَاء على قدر فهم الْحَاضِرين تأديباً وامتحاناً فَهَذَا الرجل بن جَابر أحد عُلَمَاء الشَّام، وَمعنى كَلَامه: أَن الصَّنَم لَا يعطش وَلَو عَطش نزل فَشرب فنفى عَنهُ النُّزُول والعطش وَالْحَاصِل أَن الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة لَا يلْزم إمكانها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute