للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَيْهَقِيّ أَن عبد الله بن سَلام سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ، فَقَالَ: (كَانَا شمسين) وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَحَوْنَآءَايَةَ الَّيْلِ [الْإِسْرَاء: ١٢] الْآيَة، فَالَّذِي رَأَيْت هُوَ المحو. وَفِي رِوَايَة بِسَنَد واه بسط ذَلِك بأطول مِمَّا ذكر. وَأخرج عبد الرَّزَّاق أَن مُعَاوِيَة سُئِلَ أَي مَكَان إِذا صليت فِيهِ فظننتُ أَنَّك لم تصل إِلَى قبْلَة؟ وأيُ مَكَان لم تطلع عَلَيْهِ الشَّمْس إِلَّا مرّة؟ وَمَا سَواد الْقَمَر؟ فَأرْسل إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، ففسر لَهُ الأول بِظهْر الْكَعْبَة، وَالثَّانِي بقعر الْبَحْر الَّذِي انْفَلق لمُوسَى صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم، وَالثَّالِث بالمحو.

١٩٠ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: إِذا غَابَتْ الشَّمْس أَيْن تذْهب؟ فَأجَاب بقوله: فِي حَدِيث البُخَارِيّ (أَنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد تَحت الْعَرْش) . زَاد النَّسَائِيّ (ثمَّ تستأذن فَيُؤذن لَهَا، ويوشك أَن تستأذن فَلَا يُؤذن لَهَا، وتؤمر بالطلوع من مَحل غُرُوبهَا) وَلَا يُخَالف هَذَا قَوْله تَعَالَى: {تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الْكَهْف: ٨٦] لِأَن المُرَاد بِهِ نِهَايَة إِدْرَاك الْبَصَر لَهَا حَال الْغُرُوب، وسجودها تَحت الْعَرْش إِنَّمَا هُوَ بعد الْغُرُوب. وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس (إِنَّهَا بِمَنْزِلَة الساقية تجْرِي بِالنَّهَارِ فِي السَّمَاء بفلكها، وَإِذا غربت جرت بِاللَّيْلِ فِي فلكها تَحت الأَرْض حَتَّى تطلع من مشرقها وَكَذَلِكَ الْقَمَر) . وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة أَنَّهَا إِذا غربت دخلت نَهرا تَحت الْعَرْش فتسبِّح رَبهَا حَتَّى إِذا أَصبَحت استعفتْ ربِّها عَن الْخُرُوج. قَالَ: وَلم؟ قالتْ إِنِّي إِذا خرجت عُبِّدتُ مِنْ دُونك، وَقيل يبتلعها حوت، وَقيل تغيب فِي عين حمئة كَمَا فِي الْآيَة، والحَمْأة بِالْهَمْز ذَات الطين الْأسود وقرىء (حامية) بِالْيَاءِ أَي حارة ساخنة، وَقيل تطلع من سَمَاء إِلَى سَمَاء حَتَّى تسْجد تَحت الْعَرْش وَتقول: يَا رب إِن قوما يعصونك، فَيَقُول لَهَا ارجعي من حَيْثُ جِئْت فتنزل من سَمَاء إِلَى سَمَاء حَتَّى تطلع من الْمشرق، وبنزولها إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا يطلع الْفجْر. قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره: لَا خلاف أَنَّهَا تغرب عِنْد قوم وتطلع عِنْد قوم آخَرين، وَاللَّيْل يطول عِنْد قوم وَيقصر عِنْد آخَرين إِلَّا عِنْد خطّ الاسْتوَاء فيستويان أبدا، وَفِي بِلَاد بُلغار بموحدة مَضْمُومَة ثمَّ مُعْجمَة لَا تغيب الشَّمْس عِنْدهم إِلَّا بِمِقْدَار مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء ثمَّ تطلع.

١٩١ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: من أَيْن يخرج الْمهْدي؟ فَأجَاب بقوله: ثَبت فِي أَحَادِيث أَنه يخرج من قبل الْمشرق، وَأَنه يُبَايع لَهُ بِمَكَّة بَين الرُّكْن وَالْمقَام ويسكن بَيت الْمُقَدّس.

١٩٢ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: أيّ مَحل ينزل بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام؟ فَأجَاب بقوله: الْأَشْهر مَا صَحَّ فِي مُسلم أَنه ينزل عِنْد المنارة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق، وَفِي رِوَايَة بالأردن وَفِي أُخْرَى بعسكر الْمُسلمين، وَلَا تنَافِي لِأَن عَسْكَرهمْ بالأردن ودمشق وَبَيت الْمُقَدّس من ذَلِك.

١٩٣ - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ: أَيّمَا أفضل طور سينا أم أحد؟ فَأجَاب بقوله: أحد للْخَبَر الصَّحِيح (أحد يحبنا ونحبه) وود أَنه على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة وَلِأَنَّهُ من جملَة أَرض الْمَدِينَة الَّتِي هِيَ أفضل من الْبِقَاع مُطلقًا أَو بعد مَكَّة.

١٩٤ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: أَيّمَا أفضل اللَّبن أَو الْعَسَل؟ فَأجَاب بقوله: قَالَ الْجلَال السُّيُوطِيّ: مُقْتَضى الْأَدِلَّة أنَّ اللَّبن أفضل، لِأَن الله تَعَالَى جعله غذَاء للطفل دون غَيره وَأَنه يجزىء عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَلَا كَذَلِك الْعَسَل. وَفِي الحَدِيث بِسَنَد حسن (من سقَاهُ الله لَبَنًا فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ) وَأَنه لَيْسَ يَجْزِي عَن الطَّعَام وَالشرَاب غير اللَّبن، وَأَنه لَا يغص بِهِ أحد كَمَا فِي الحَدِيث قَالَ تَعَالَى: {سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النَّحْل: ٦٦] وَأَنه اخْتَارَهُ لَيْلَة الْإِسْرَاء على الْعَسَل وَالْخمر فَقيل لَهُ (هَذِه الْفطْرَة فَأَنت عَلَيْهَا وَأمتك) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي الحَدِيث: (أَمَرَ مَنْ أكل غير اللَّبن أَن يَقُول اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وأطعمنا خيرا مِنْهُ. وَأمر من أكل اللَّبن أَن يَقُول اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ) وَهُوَ يدل على أَنه خير مِنْهُ.

١٩٥ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: أَيّمَا أفضل اللَّيْل أم النَّهَار؟ فَأجَاب بقوله: اللَّيْل أفضل لِأَنَّهُ رَاحَة، وَهِي فِي الْجنَّة، وَالنَّهَار تَعَبْ وَهُوَ من النَّار، وَلِأَن لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر وَلم يُوجد نَهَار كَذَلِك، وَلِأَنَّهُ أنزلت سُورَة مُسَمَّاة سُورَة اللَّيْل، وَلِأَنَّهُ مقدم الذّكر على النَّهَار فِي أَكثر الْآيَات، وَأَن خَلْقه سَابق على خلق النَّهَار و (لَا) فِي {وَلَا الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: ٤٠] زَائِدَة، وليالي الشَّهْر سَابِقَة على أَيَّامه، وَأَن فِي كل لَيْلَة سَاعَة إِجَابَة بل سَاعَات، وَلَيْسَ شَيْء من ساعاته تكره فِيهِ الصَّلَاة وَفِيه التَّهَجُّد وَالِاسْتِغْفَار بالأسحار، وهما أفضل مِنْ نَفْل النَّهَار واستغفاره، وَوُقُوع الْإِسْرَاء فِيهِ وَكَون ناشئته أشدُّ وَطْأ وأقْوَمِ قِيلاً كَمَا فِي الْآيَة. وَقَالَ أهل الْعلم: فِيهِ تَنْقَطِع الأشغال، وتحتدُّ الأذْهان وَيصِح النّظر وَيُوقف الحكم وتدر الخواطر وتَنْبع مجالي الْقلب. وَقيل: النَّهَار أفضل، والتقديم لَا يدل على الْأَفْضَلِيَّة، فقد قدم الله الْمَوْت على الْحَيَاة، وَالْجِنّ على الْإِنْس، وَالْأَعْمَى والأصم على الْبَصِير والسميع. ويُرَدُّ بِأَن الْغَالِب إِفَادَة التَّقْدِيم الْأَفْضَلِيَّة،

<<  <   >  >>