للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَغير الصَّالح لَو لَيْسَ مَا عَسى أَن يلبس لَا بُد أَن يرشح من نَتن فعله أَو قَوْله مَا يميزه عَن الصَّالح وَمن ثمَّ نَاظر صوفي برهميا والبراهمة قوم تظهر لَهُم خوارق لمزيد الرياضات فطار البرهمي فِي الجو فارتفعت إِلَيْهِ نعل الشَّيْخ وَلم تزل تضرب رَأسه وتصفعه حَتَّى وَقع على الأَرْض منكوسا على رَأسه بَين يَدي الشَّيْخ وَالنَّاس ينظرُونَ أَقُول وَوَقع نَظِير هَذَا لشَيْخِنَا الْعَارِف ابْن أبي الحمائل لما كَانَ بِفَارِس كور بلد قريب من دمياط فَدَخلَهَا متوسم بوسم الصُّوفِيَّة فأظهر لَهُم من الخوارق مَا أوجب لغالب أهل الْبَلَد أَنهم تبعوه فَظهر مِنْهُ انحلال كثير عَن طَرِيق الاسْتقَامَة حَتَّى أغوى كثيرين وَكَانَ لَهُ مجْلِس ذكر بالجامع الَّذِي فِيهِ شَيخنَا وَله بِهِ أَيْضا مجْلِس ذكر فَفِي لَيْلَة فرغ شَيخنَا من مَجْلِسه وَأُولَئِكَ لم يفرغوا فأنصت سَاعَة ثمَّ قَالَ لتاسومته الَّتِي يلبسهَا فِي الْجَامِع يَا هَذِه التاسومة اذهبي إِلَى هَذَا الشَّيْخ فَإِن كَانَ كَاذِبًا فاصفعيه إِلَى أَن يخرج من هَذَا الْجَامِع فَلم يلبث جمَاعَة شَيخنَا السامعون لكَلَامه إِلَّا وهم يسمعُونَ صَوت الصفع فِي رَقَبَة ذَلِك الشَّيْخ ففر وفرت جماعته حَتَّى خَرجُوا من الْجَامِع ثمَّ من الْبَلَد وَلم نعلم أَيْن ذهب وَوَقع للْإِمَام الْعَارِف البهائي السندي صَاحب الإِمَام السهروردي أَن برهميا جَاءَ مَجْلِسه وارتفع فِي الْهَوَاء فارتفع الشَّيْخ حِينَئِذٍ فِي الْهَوَاء وَدَار فِي جَانب الْمجْلس فَأسلم البرهمي لعَجزه عَن ذَلِك فَإِنَّهُم لَا يقدرُونَ على الدوران فِي الْهَوَاء وَإِنَّمَا يرْتَفع الْوَاحِد فِي الْهَوَاء مستويا لَا غير وناظر عبد الله بن حنيف برهميا على حَقِيقَة الْإِسْلَام ليطوى مَعَ البرهمي أَرْبَعِينَ يَوْمًا فشرعا فعجز البرهمي عَن إِكْمَال الْمدَّة وأكملها ابْن حنيف على غَايَة من اللَّذَّة وَالْقُوَّة وَوَقع لَهُ مَعَ برهمي أَيْضا أَنه ناظره على الْمكْث تَحت المَاء مُدَّة فَمَاتَ البرهمي أثناءها وَظَهَرت جيفته وَبَقِي ابْن حنيف حَتَّى أكملها ثمَّ ظهر وَمِمَّا يفترقان فِيهِ أَيْضا أَن دلَالَة المعجزة على النُّبُوَّة قَطْعِيَّة وَأَن النَّبِي يعلم أَنه نَبِي وَدلَالَة الْكَرَامَة على الْولَايَة ظنية وَلَا يعلم مظهرها أَو من ظَهرت عَلَيْهِ أَنه ولي وَقد يعلم ذَلِك وفَاقا للأستاذين الكبيرين الْإِمَامَيْنِ أبي عَليّ الدقاق وَأبي الْقَاسِم الْقشيرِي ورادا على من نَازع فِي ذَلِك بِأَنَّهُ يُنَافِي الْخَوْف فَقَالَا وَمَا يجدونه فِي قُلُوبهم من الهيبة والإجلال للحق سُبْحَانَهُ يزِيد على كثير من الْخَوْف انْتهى على أَن التَّحْقِيق أَن علم الْولَايَة لَا يُنَافِي الْخَوْف أَلا ترى أَن الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ عالمون بِأَنَّهُم من أَهلهَا وَمَعَ ذَلِك كَانَ عِنْدهم من الْخَوْف مَا لَا يحد كَمَا يعلم من سيرهم فِي ذَلِك رضوَان الله عَلَيْهِم وَإِنَّمَا كَانَت الْكَرَامَة بِعُذْر من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَكثر قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ لِأَن أُولَئِكَ كَانَ إِيمَانهم قَوِيا فَلم يحتاجوا إِلَى زِيَادَة مقو بِخِلَاف من بعدهمْ فَوق وَبِزِيَادَة الكرامات وَقَالَ الشهَاب السهروردي وَهُوَ كالشرح لما قبله لأَنهم ببركة رُؤْيَته - صلى الله عليه وسلم - ومشاهدته مَعَ نزُول الْوَحْي تنورت بواطنهم وتزكت نُفُوسهم وانصقلت مرْآة قُلُوبهم فاستغنوا بِمَا أعْطوا عَن رُؤْيَة الْكَرَامَة واستماع أنوار الْقُدْرَة ووطأ لهَذَا بقوله قبله وخرق الْعَادة قد يكاشف بِهِ لضعف يَقِين المكاشف رَحْمَة ناجزة وثوابا معجلا لبَعض الْعباد وَفَوق هَؤُلَاءِ قوم ارْتَفَعت الْحجب عَن قُلُوبهم وباشرت بواطنهم روح الْيَقِين وَصرف الْمعرفَة فَلَا حَاجَة لَهُم إِلَى رُؤْيَة خارق وَأجَاب اليافعي بِأَن الْكَرَامَة نور وزين والنور إِنَّمَا يظْهر حسن بهائه فِي الظلمَة والزين إِنَّمَا يظْهر كَمَال حسنه بِحَسب الشين والظلمة والشين إِنَّمَا وجدا بعد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَلا ترى أَن الشَّمْس إِذا غربت لَا تظهر الظلمَة وَلَا الْكَوَاكِب عقب غُرُوبهَا إِلَّا بعد مزِيد بعْدهَا عَن الْأُفق وَبِأَن الصَّحَابَة كَانُوا أهل حق وَسنة وَعدل وَمن بعدهمْ بضدهم فَبعث الله فِي سَائِر الْبلدَانِ رجَالًا قلدهم سيوفا مَاضِيَة قطعُوا بهَا مواد الْفساد والبدع والمخالفات حَتَّى خافهم النَّاس وأذعنوا لَهُم أَي فَمن ثمَّ كثرت فيهم تِلْكَ السيوف المكنى بهَا فَلَا زَالَت دائمة مستمرة معْجزَة لَهُ - صلى الله عليه وسلم - انْتهى ملخص جوابيه وَالثَّانِي مِنْهُمَا يؤل حَاصله إِلَى الجوابين الْأَوَّلين وَالثَّانِي لَا يصلح جَوَابا لِكَثْرَة المسؤل عَنْهَا بل لظُهُور عَظِيم موقع الْكَرَامَة فِي النُّفُوس بعد زمن الصَّحَابَة أَكثر مِنْهُ فِي زمنهم وَهَذَا مَبْحَث آخر على أَنه قد يتَوَهَّم من تمثيله بالشمس وَالْكَوَاكِب أَن الْأَزْمِنَة الْمُتَأَخِّرَة فِيهَا من نُجُوم العارفين وكواكب المهتدين مَا لَيْسَ فِي الْأَزْمِنَة الأول وَهَذَا وَإِن وجد مِنْهُ أَفْرَاد إِلَّا أَنه بِالنِّسْبَةِ لغير الصَّحَابَة إِذْ الصَّوَاب أَن من بعدهمْ وَإِن كمل مَا كمل لَا يصل إِلَى غايتهم كَمَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم - لَو أنْفق أحدكُم مثل جبل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم أَي الصَّحَابَة وَلَا نصيفه وَأما قَول ابْن عبد الْبر

<<  <   >  >>