للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد يُوجد فِي الْخلق من هُوَ أفضل من الصَّحَابَة لحَدِيث أمتِي كالمطر لَا يدرى أَوله خير أم آخِره وَأَحَادِيث أخر قريبَة مِنْهُ فَهُوَ مقَالَة شَاذَّة جدا وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيث دلَالَة لِأَن بعض الْمُتَأَخِّرين قد يُوجد لَهُ مزايا لَا تُوجد فِي بعض الصَّحَابَة وَمن الْمُقَرّر أَن الْمَفْضُول قد يتَمَيَّز بمزايا وَيُؤَيّد ذَلِك أَن ابْن الْمُبَارك وناهيك بِهِ إِمَامَة وعلما وَمَعْرِفَة سُئِلَ أَيّمَا فضل مُعَاوِيَة أَو عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ وَالله للغبار الَّذِي دخل أنف فرس مُعَاوِيَة مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خير من مائَة وَاحِد مثل ابْن عبد الْعَزِيز يُرِيد بذلك أَن شرف الصُّحْبَة والرؤية لرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وحلول نظره الْكَرِيم لَا يعادله عمل وَلَا يوازيه شرف (تتمات) مِنْهَا نقل اليافعي رَحمَه الله تَعَالَى أَن كرامات الْأَوْلِيَاء من تَتِمَّة معجزات النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - لِأَنَّهَا تشهد للْوَلِيّ بِالصّدقِ المستلزم لكَمَال دينه المستلزم لحقيته المستلزم لصدق نبيه فِيمَا أخبر بِهِ من الرسَالَة وَكَانَت الْكَرَامَة من جملَة المعجزة بِهَذَا الِاعْتِبَار وَمِنْهَا لَا تتعجب من إِنْكَار قوم للمعجزات وَإِن بلغت من الْكَثْرَة والظهور إِلَى أَن صَار الْعلم بهَا ضَرُورِيًّا بل بديهيا فقد أنكر قوم الْقُرْآن الَّذِي هُوَ أعظم المعجزات وأبهر الْآيَات وَوصل العناد بهؤلاء إِلَى أَن قَالَ الله فِي حَقهم {وَلَو نزلنَا عَلَيْك كتاب فِي قرطاس فلمسوه بِأَيْدِيهِم لقَالَ الَّذين كفرُوا إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين} وَلَيْسَ الْعجب من إِنْكَار الْمُعْتَزلَة الكرامات فَإِنَّهُم قد خَاضُوا فِيمَا هُوَ أقبح من ذَلِك وأنكروا النُّصُوص المتواترة الْمَعْنى عَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كسؤال الْملكَيْنِ وَعَذَاب الْقَبْر والحوض وَالْمِيزَان وَغير ذَلِك من عَظِيم كذبهمْ وافترائهم لتقليدهم لعقولهم الْفَاسِدَة وتحكيمهم لَهَا على الله وآياته وأسمائه وَصِفَاته وأفعاله فَمَا رَأَوْهُ من ذَلِك مُوَافقا لتِلْك الْعُقُول السقيمة الْفَاسِدَة اللئيمة قبلوه وَمَا لَا ردُّوهُ وَلم يبالوا بتكذيب السّنة وَالْقُرْآن وَالْإِجْمَاع لِأَن كلمة الْغَضَب حقت عَلَيْهِم وقبائح المذام تسابقت إِلَيْهِم وَإِنَّمَا الْعجب من قوم تسموا بِأَهْل السّنة وَزَعَمُوا أَنهم من حَملَة تِلْكَ الْمِنَّة وَمَعَ ذَلِك يبالغون فِي الْإِنْكَار لِأَن كلمة الحرمان حقت عَلَيْهِم إِلَى أَن ألحقتهم بِأَهْل الْبَوَار وأوجبت لَهُم نوعا من الوبال والخسار وَهَؤُلَاء أَقسَام فَمنهمْ من يُنكر على مَشَايِخ الصُّوفِيَّة ومتابعيهم وَمِنْهُم من يعتقدهم إِجْمَالا وَإِن لَهُم كرامات وَمَتى عين لَهُ أحد مِنْهُم أَو رأى كَرَامَة أنكر ذَلِك لما خيله لَهُ الشَّيْطَان أَنهم انْقَطَعُوا وَأَنه لم يبْق إِلَّا متلبس مغرورا احتوى عَلَيْهِ الشَّيْطَان وَلبس عَلَيْهِ وَهَؤُلَاء من العناد والحرمان بمَكَان أَيْضا وَقد قرر ابْن الْجَوْزِيّ من الْوُقُوع فِي خطرهم إِلَّا أَن تكون لَهُ نِيَّة صَالِحَة كقصده قمع مبتدعة فِي زَمَانه وَذَلِكَ أَنه صنف كتابا سَمَّاهُ تلبيس إِبْلِيس تكلم فِيهِ على شُيُوخ الصُّوفِيَّة وطريقهم وَزعم أَن إِبْلِيس لبس عَلَيْهِم قَالَ اليافعي وَلم يدر أَنه هُوَ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ فِي كَلَامه هَذَا واعتقاده فيهم وَهُوَ لَا يشْعر وَالْعجب كل الْعجب مِنْهُ فِي إِنْكَاره سَادَات مَا بَين أوتاد وإبدال وصديقين وعارفين بِاللَّه قد ملؤا الْوُجُود كرامات وأنوارا ومعارف أَعرضُوا فِي بدايتهم عَمَّا سوى الله فَحصل لَهُم فِي نهايتهم من فضل الله مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله فَقَوْل الصَّغِير مِنْهُم وقفت على بَاب قلبِي عشْرين سنة مَا جاذبه شَيْء لغير الله إِلَّا رَددته هَذَا وَهُوَ يطول كَلَامه بحكاياتهم وَينْفق بضاعته بمحاسن صفاتهم فَهَلا أخلى كتبه من ذكرهم إخلاء عَاما وَلَا يكون مِمَّن يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما أما علم أَن عُلَمَاء أَعْلَام الْأَئِمَّة من الْمُجْتَهدين وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة لم يزَالُوا قَدِيما وحديثا يَعْتَقِدُونَ الصُّوفِيَّة ويتبركون بهم ويستمدون مِنْهُم وَلَقَد وَقع للتقي ابْن دَقِيق الْعِيد أَنه قَالَ فِي حق فَقير كَانَ يَعْتَقِدهُ ويخضع لَهُ هُوَ عِنْدِي خير من مائَة فَقِيه أَو من ألف فَقِيه وَكَذَلِكَ النَّوَوِيّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ يعْتَقد الشَّيْخ يس المزين وَيقبل إِشَارَته حَتَّى أَنه أمره بِالسَّفرِ ورد مَا عِنْده من الْكتب المستعارة قبل مَوته بِقَلِيل فَفعل وسافر من دمشق رَاجعا الْبَلدة نوى فتوفى بهَا بَين أَهله وَكَذَلِكَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام كَانَ يُبَالغ فِي تَعْظِيم الصُّوفِيَّة وَفِي حَيَاة الْخضر مَا يرد على ابْن الْجَوْزِيّ فِي إِنْكَار حَيَاته على أَنه نَاقض نَفسه فَإِنَّهُ روى بِإِسْنَادِهِ الْمُتَّصِل أَربع رِوَايَات تدل على حَيَاته مِنْهَا عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه رَآهُ مُتَعَلقا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَمِنْهَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ وَلَا أعلمهُ إِلَّا مَرْفُوعا عَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يلتقي الْخضر وإلياس فِي كل عَام فِي الْمَوْسِم فيحلق كل وَاحِد مِنْهُمَا رَأس صَاحبه وَمِنْهَا عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه يجْتَمع مَعَ إسْرَافيل وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل بِعَرَفَات والحجيج بهَا وَلَقَد وَقع لمن أنكر على

<<  <   >  >>