للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحَقِيقَة هُوَ علم الشَّرِيعَة وَالْعَمَل الَّذِي هُوَ العزائم مُشْتَمل على سلوك طَرِيق الْحَقِيقَة والطريقة مُشْتَمِلَة على منَازِل السالكين وَتسَمى مقامات الْيَقِين والحقيقة مُوَافقَة للشريعة فِي جَمِيع علمهَا وعملها أُصُولهَا وفروعها وفرضها ومندوبها لَيْسَ بَينهمَا مُخَالفَة أصلا نعم هُنَا شيآن أَحدهمَا علم صِفَات الْقلب فَأهل الْحَقِيقَة لَهُم بِهِ اعتناء واهتمام جدا وسلوك طريقتهم مَوْقُوف على مَعْرفَته وتبديل صِفَاته الذميمة وَأكْثر أهل الشَّرِيعَة يهملون ذَلِك ويتهاونون بِهِ مَعَ كَونه فرض عين فِي الشَّرِيعَة والحقيقة بِلَا خلاف وَالثَّانِي الرُّخص فَأهل الْحَقِيقَة من حَيْثُ الْعلم والاعتقاد لَا يَشكونَ فِي حَقِيقَتهَا وَإِنَّهَا من رَحْمَة الله بعباده وَأما من حَيْثُ عَمَلهم فَإِنَّمَا يسلكون شوامخ عزائم الشَّرِيعَة الغراء إِلَى الله بتوفيقه وعنايته وَجَمِيل لطفه وصيانته فَمنهمْ من لَا يقطعهَا إِلَّا فِي سبعين سنة وَمِنْهُم من يقطعهَا فِي سَاعَة وَاحِدَة بِحَسب مَعُونَة الله وتسهيله (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه من قَالَ أَن الْمُؤمن يعلم الْغَيْب هَل يكفر لقَوْله تَعَالَى {قل لَا يعلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله} وَقَوله {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا} أَو يستفصل لجَوَاز الْعلم بجزئيات من الْغَيْب (فَأجَاب) بقوله رَحمَه الله ونفعنا بِهِ آمين لَا يُطلق القَوْل بِكُفْرِهِ لاحْتِمَال كَلَامه وَمن تكلم بِمَا يحْتَمل الْكفْر وَغَيره وَجب استفصاله كَمَا فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا وَمن ثمَّ قَالَ الرَّافِعِيّ يَنْبَغِي إِذا نقل عَن أحد لفظ ظَاهره الْكفْر أَن يتَأَمَّل ويمعن النّظر فِيهِ فَإِن احْتمل مَا يخرج اللَّفْظ عَن ظَاهره من إِرَادَة تَخْصِيص أَو مجَاز أَو نَحْوهمَا سُئِلَ اللافظ عَن مُرَاد وَإِن كَانَ الأَصْل فِي الْكَلَام الْحَقِيقَة والعموم وَعدم الْإِضْمَار لِأَن الضَّرُورَة ماسة إِلَى الِاحْتِيَاط فِي هَذَا الْأَمر وَاللَّفْظ مُحْتَمل فَإِن ذكر مَا ينفى عَنهُ الْكفْر مِمَّا يحْتَملهُ اللَّفْظ ترك وَإِن لم يحْتَمل اللَّفْظ خلاف ظَاهره أَو ذكر غير مَا يحْتَمل أَو لم يذكر شيأ أستتيب فَإِن تَابَ قبلت تَوْبَته وَإِلَّا فَإِن كَانَ مَدْلُول لَفظه كفرا مجمعا عَلَيْهِ حكم بردته فَيقْتل إِن لم يتب وَإِن كَانَ فِي مَحل الْخلاف نظر فِي الرَّاجِح من الْأَدِلَّة إِن تأهل وَإِلَّا أَخذ بالراجح عِنْد أَكثر الْمُحَقِّقين من أهل النّظر فَإِن تعادل الْخلاف أَخذ بالأحوط وَهُوَ عدم التَّكْفِير بل الَّذِي أميل إِلَيْهِ إِذا اخْتلف فِي التَّكْفِير وقف حَاله وَترك الْأَمر فِيهِ إِلَى الله تَعَالَى انْتهى كَلَامه وَقَوله وَإِن كَانَ فِي مَحل الْخلاف الخ مَحَله فِي غير قَاض مقلد رفع إِلَيْهِ أمره وَإِلَّا لزمَه الحكم بِمَا يَقْتَضِيهِ مذْهبه إِن انحصر الْأَمر فِيهِ سَوَاء وَافق الِاحْتِيَاط أم لَا وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّافِعِيّ من الِاحْتِيَاط فِي إِرَاقَة الدِّمَاء مَا أمكن وجيه فقد قَالَ حجَّة الْإِسْلَام الْغَزالِيّ ترك قتل ألف نفس استحقوا الْقَتْل أَهْون من سفك محجم من دم مُسلم بِغَيْر حق ومني استفصل فَقَالَ أردْت بِقَوْلِي الْمُؤمن يعلم الْغَيْب أَن بعض الْأَوْلِيَاء قد يُعلمهُ الله بِبَعْض المغيبات قبل مِنْهُ ذَلِك لِأَنَّهُ جَائِز عقلا وواقع نقلا إِذْ هُوَ من جملَة الكرامات الْخَارِجَة عَن الْحصْر على ممر الْأَعْصَار فبعضهم يُعلمهُ بخطاب وَبَعْضهمْ يُعلمهُ بكشف حجاب وَبَعْضهمْ يكْشف لَهُ عَن اللَّوْح الْمَحْفُوظ حَتَّى يرَاهُ وَيَكْفِي بذلك مَا أخبر بِهِ الْقُرْآن عَن الْخضر بِنَاء على أَنه ولي وَهُوَ مَا نقل عَن جُمْهُور الْعلمَاء وَجَمِيع العارفين وَإِن كَانَ الْأَصَح أَنه نَبِي - صلى الله عليه وسلم - وَمَا جَاءَ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه أخبر عَن حمل امْرَأَته أَنه ذكر وَكَانَ كَذَلِك وَعَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كشف عَن سَارِيَة وجيشه وهم بالعجم فَقَالَ على مِنْبَر الْمَدِينَة وَهُوَ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة يَا سَارِيَة الْجَبَل يحذرهُ الكمين الَّذِي أَرَادَ استئصال الْمُسلمين وَمَا صَحَّ عَنهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنه قَالَ فِي حق عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه من الْمُحدثين أَي الملهمين وَفِي رِسَالَة الْقشيرِي وعوارف السهروردي وَغَيرهمَا من كتب الْقَوْم وَغَيرهم مَا لَا يُحْصى من القضايا الَّتِي فِيهَا أَخْبَار الْأَوْلِيَاء بالمغيبات كَقَوْل بَعضهم أَنا غَدا أَمُوت وَقت الظّهْر وَكَانَ كَذَلِك وَلما دفن فتح عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهُ دافنه أحياة بعد موت فَقَالَ أَنا حَيّ وكل محب لله حَيّ وكقول سَائل لم حضر للإنكار عَلَيْهِ وَاعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي أَنفسكُم فَاحْذَرُوهُ فَتَابَ بباطنه فَقَالَ وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده وروى السهروردي عَن الجيلاني أَنه قَالَ لرجل عنْدك وَدِيعَة لفُلَان فتوقف لامتناعه شرعا ثمَّ لما لم ير من ذَلِك بدا دفع للشَّيْخ مَا طلبه فَقدم كتاب من الْمُودع لوديعه أعْط الشَّيْخ كَذَا بِقدر مَا أَخذه الشَّيْخ قَالَ اليافعي وروى مُسْندًا عَنهُ أَعنِي الشَّيْخ عبد الْقَادِر أَن شَيخا أرسل جمَاعَة يَقُولُونَ لَهُ إِن لي أَرْبَعِينَ سنة فِي دركات بَاب الْقُدْرَة فَمَا رَأَيْتُك ثمَّ فَقَالَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر فِي ذَلِك الْوَقْت لجَماعَة من أَصْحَابه اذْهَبُوا

<<  <   >  >>