للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَلَمَّا دارت الكاسات ... دَعَا بالنطع وَالسيف)

ثمَّ قَالَ {يستعجل بهَا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا وَالَّذين آمنُوا مشفقون مِنْهَا ويعلمون أَنَّهَا الْحق} وَهَذَا مِنْهُ رَحمَه الله صَرِيح فِيمَا ذَكرْنَاهُ أَن مَا صدر مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ فِي حَال سكره وغيبته وَقَالَ المعتزلي ردا عَلَيْهِ لما أوجد الله تَعَالَى الْأَجْسَام بِلَا عِلّة كَذَلِك أوجد فِيهَا صفاتها وكما لَا يملك العَبْد أصل فعله كَذَلِك لَا يملك فعله وَقَوله المريد هُوَ الْخَارِج عَن أَسبَاب الدَّاريْنِ وَقَوله وَقد رؤى فِي ثِيَاب رثَّة فَقيل لَهُ مَا حالك فَقَالَ:

(لَئِن أمسيت فِي ثوبي عديم ... لقد بليا على حر كريم)

(فَلَا يحزنك إِذْ أَبْصرت حَالا ... تغير فيّ عَن حَال قديم)

(فلي نفس ستتلف أَو سترقى ... لعمر الله فِي أَمر جسيم)

ثَالِثهَا أَنهم قد يؤمرون تعريفا لجَاهِل أَو شكر أَو تحدثا بِنِعْمَة الله كَمَا وَقع للشَّيْخ عبد الْقَادِر أَنه بَيْنَمَا هُوَ بِمَجْلِس وعظه وَإِذا هُوَ يَقُول قدمي هَذِه على رَقَبَة كل ولي لله تَعَالَى فَأَجَابَهُ فِي تِلْكَ السَّاعَة أَوْلِيَاء الدُّنْيَا قَالَ جمَاعَة بل وأولياء الْجِنّ جَمِيعهم وطأطؤا رُؤْسهمْ وخضعوا لَهُ واعترفوا بِمَا قَالَه إِلَّا رجلا بأصبهان فَأبى فسلب حَاله وَمِمَّنْ طأطأ رَأسه أَبُو النجيب السهروردي وَقَالَ على رَأْسِي على رَأْسِي وَأحمد الرِّفَاعِي فَقَالَ وَحميد مِنْهُم وَسُئِلَ فَقَالَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر يَقُول كَذَا وَكَذَا وَأَبُو مَدين فِي الْمغرب وَأَنا مِنْهُم اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك وَأشْهد ملائكتك أَنِّي سَمِعت وأطعت فَسئلَ فاخبر بِمَا قَالَه الشَّيْخ بِبَغْدَاد فارخ فَكَانَ قَول أبي مَدين عقب قَول الشَّيْخ عبد الْقَادِر ذَلِك وَكَذَا الشَّيْخ عبد الرَّحِيم القناوي مدعنقه وَقَالَ صدق الصَّادِق المصدوق فَسئلَ فَأخْبر بِمَا قَالَه الشَّيْخ وَذكر كَثِيرُونَ من العارفين الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ وَغَيرهم أَنه لم يقل إِلَّا بِأَمْر إعلاما بقطبيته فَلم يسع أحد التَّخَلُّف بل جَاءَ بأسانيد مُتعَدِّدَة عَن كثيرين أَنهم أخبروا قبل مولده بِنَحْوِ مائَة سنة أَنه سيولد بِأَرْض الْعَجم مَوْلُود لَهُ مظهر عَظِيم يَقُول ذَلِك فتندرج الْأَوْلِيَاء فِي وقته تَحت قدمه وَحكى إِمَام الشَّافِعِيَّة فِي زَمَنه أَبُو سعيد عبد الله بن أبي عصرون قَالَ دخلت بَغْدَاد فِي طلب الْعلم فَوَافَقت ابْن السقا ورافقته فِي طلب الْعلم بالنظامية وَكُنَّا نزور الصَّالِحين وَكَانَ بِبَغْدَاد رجل يُقَال لَهُ الْغَوْث يظْهر إِذا شَاءَ ويختفي إِذا شَاءَ فقصدنا زيارته أَنا وَابْن السقا وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر وَهُوَ يَوْمئِذٍ شَاب فَقَالَ ابْن السقا وَنحن سائرون لأسألنه مسئلة لَا يدْرِي لَهَا جَوَابا وَقلت لأسألنه مسئلة وَأنْظر مَا يَقُول فِيهَا وَقَالَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر معَاذ الله أَن أسأله شيأ أَنا بَين يَدَيْهِ أنْتَظر بركَة رُؤْيَته فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَلم نره إِلَّا بعد سَاعَة فَنظر الشَّيْخ إِلَى ابْن السقا مغضبا وَقَالَ وَيحك يَا ابْن السقا تَسْأَلنِي مسئلة لَا أَدْرِي لَهَا جَوَابا هِيَ كَذَا وجوابها كَذَا إِنِّي لأرى نَار الْكفْر تلتهب فِيك ثمَّ نظر إِلَيّ وَقَالَ يَا عبد الله أتسألني عَن مسئلة لتنظر مَا أَقُول فِيهَا هَذَا كَذَا وجوابها كَذَا لتخزن الدُّنْيَا عَلَيْك إِلَى شحمة أذنيك بإساءة أدبك ثمَّ نظر إِلَى الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَأَدْنَاهُ مِنْهُ وأكرمه وَقَالَ يَا عبد الْقَادِر لقد أرضيت الله وَرَسُوله بِحسن أدبك كَأَنِّي أَرَاك بِبَغْدَاد وَقد صعدت الْكُرْسِيّ متكلما على الْمَلأ وَقلت قدمي هَذِه على رَقَبَة كل ولي الله وَكَأَنِّي أرى الْأَوْلِيَاء فِي وقتك وَقد حنوا رقابهم إجلالا لَك ثمَّ غَابَ عَنَّا فَلم نره قَالَ وَأما الشَّيْخ عبد الْقَادِر فقد ظَهرت أَمَارَات قربه من الله وَأجْمع عَلَيْهِ الْخَاص وَالْعَام وَقَالَ قدمي الخ وأقرت الْأَوْلِيَاء فِي وقته لَهُ بذلك وَأما ابْن السقا فَإِنَّهُ اشْتغل بالعلوم الشَّرْعِيَّة حَتَّى برع فِيهَا وفَاق فِيهَا كثيرا من أهل زَمَانه واشتهر بِقطع من يناظره فِي جَمِيع الْعُلُوم وَكَانَ ذَا لِسَان فصيح وسمت بهي فأدناه الْخَلِيفَة مِنْهُ وَبَعثه رَسُولا إِلَى ملك الرّوم فَرَآهُ ذَا فنون وفصاحة وسمة فأعجب بِهِ وَجمع لَهُ القسيسين وَالْعُلَمَاء بالنصرانية فناظرهم وأفحمهم وعجزوا فَعظم عِنْد الْملك فزادت فتنته فتراأت لَهُ بنت الْملك فَأَعْجَبتهُ وَفتن بهَا فَسَأَلَهُ أَن يُزَوّجهَا لَهَا فَقَالَ إِلَّا أَن تتنصر فَتَنَصَّرَ وَتَزَوجهَا ثمَّ مرض فألقوه بِالسوقِ يسْأَل الْقُوت فَلَا يُجَاب وعلته كآبة وَسَوَاد حَتَّى مر عَلَيْهِ من يعرفهُ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا قَالَ فتْنَة حلت بِي سَببهَا مَا ترى قَالَ لَهُ هَل تحفظ شيأ من الْقُرْآن قَالَ لَا إِلَّا قَوْله {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ ثمَّ خرجت عَلَيْهِ يَوْمًا فرأيته كَأَنَّهُ قد حرق وَهُوَ فِي النزع فقبلته إِلَى الْقبْلَة فَاسْتَدَارَ إِلَى الشرق فعدت فَعَاد وَهَكَذَا إِلَى أَن خرجت روحه وَوَجهه إِلَى الشرق وَكَانَ يذكر كَلَام الْغَوْث وَيعلم أَنه أُصِيب بِسَبَبِهِ قَالَ ابْن

<<  <   >  >>