للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأخْبر عَنهُ بعض السّلف أَنه ذكر عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي مجْلِس آخر فَقَالَ: إِن عليا أَخطَأ فِي أَكثر من ثَلَاثمِائَة مَكَان، فيا لَيْت شعري من أَيْن يحصل لَك الصَّوَاب؟ إِذا أَخطَأ عليّ بزعمك كرم الله وَجهه وَعمر بن الْخطاب والآن قد بلغ هَذَا الْحَال إِلَى منتهاه وَالْأَمر إِلَى مُقْتَضَاهُ، ولاينفعني إِلَّا الْقيام فِي أَمرك وَدفع شرك، لِأَنَّك قد أفْرطْتَ فِي الغيُّ وَوصل أذاك إِلَى كل ميت وَحي، وتلزمني الْغيرَة شرعا لله وَلِرَسُولِهِ وَيلْزم ذَلِك جَمِيع الْمُؤمنِينَ وَسَائِر عباد الله الْمُسلمين بِحكم مَا يَقُوله الْعلمَاء، وهم أهل الشَّرْع وأرباب السَّيْف الَّذين بهم الوصْل وَالْقطع، إِلَى أَن يحصل مِنْك الكَّفُ عَن أَعْرَاض الصَّالِحين رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ اه. واعْلم أَنه خَالف النَّاس فِي مسَائِل نبه عَلَيْهَا التَّاج السُّبْكِيّ وَغَيره. فمما خرق فِيهِ الْإِجْمَاع قَوْله فِي: عليَّ الطَّلَاق أنَّه لَا يَقع عَلَيْهِ بل عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين، وَلم يقل بِالْكَفَّارَةِ أحد من الْمُسلمين قبله، وَأَن طَلَاق الْحَائِض لَا يَقع، وَكَذَا الطَّلَاق فِي طُهْر جَامع فِيهِ، وَأَن الصَّلَاة إِذا تركت عمدا لَا يجب قَضَاؤُهَا، وَأَن الْحَائِض يُبَاح لَهَا بِالطّوافِ بِالْبَيْتِ وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا، وَأَن الطَّلَاق الثَّلَاث يُردُّ إِلَى وَاحِدَة، وَكَانَ هُوَ قبل ادّعائه ذَلِك نقل أجماع الْمُسلمين على خِلَافه، وَأَن المكوس حَلَال لمن أقطعها، وَأَنَّهَا إِذا أخذت من التجَّار أجزأتهم عَن الزَّكَاة وَإِن لم تكن باسم الزَّكَاة وَلَا رسمها، وَأَن الْمَائِعَات لَا تنجس بِمَوْت حَيَوَان فِيهَا كالفأرة، وَأَن الْجنب يصلى تطوّعه بِاللَّيْلِ وَلَا يُؤَخِّرهُ إِلَى أَن يغْتَسل قبل الْفجْر، وإنْ كَانَ بِالْبَلَدِ، وَأَن شَرط الْوَاقِف غير مُعْتبَر، بل لَو وقف على الشَّافِعِيَّة صرف إِلَى الْحَنَفِيَّة وَبِالْعَكْسِ، وعَلى الْقُضَاة صُرِف إِلَى الصُّوفِيَّة، فِي أَمْثَال ذَلِك من مسَائِل الْأُصُول مَسْأَلَة الْحسن والقُبْح الْتزم كل مَا يرد عَلَيْهَا، وَإِن مُخَالف الْإِجْمَاع لَا يكفر وَلَا يفسق، وَأَن رَبنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ والجاحدون علوّاً كَبِيرا مَحلُّ الْحَوَادِث تَعَالَى الله عَن ذَلِك وتقدس، وَأَنه مْركَّبٌ تفْتَقر ذَاته افتقار الْكل للجزء تَعَالَى الله عَن ذَلِك وتقدس، وَأَن الْقُرْآن مُحدث فِي ذَات الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك، وَأَن الْعَالم قديم بالنوع، وَلم يزل مَعَ الله مخلوقاً دَائِما فَجعله مُوجبا بِالذَّاتِ لَا فَاعِلا بِالِاخْتِيَارِ تَعَالَى الله عَن ذَلِك، وَقَوله بالجِسْمِّية والجهة والانتقال، وَأَنه بقَدَر الْعَرْش لَا أصْغَرَ وَلَا أكبر تَعَالَى الله عَن هَذَا الافتراء الشنيع الْقَبِيح، وَالْكفْر البراح الصَّرِيح، وخذل مُتَّبِعيه وشتت شَمْل معتقديه، وَقَالَ: إِن النَّار تفنى، وَأَن الْأَنْبِيَاء غير معصومين، وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا جاه لَهُ وَلَا يتوسل بِهِ، وأنَّ إنْشَاء السّفر إِلَيْهِ بِسَبَب الزِّيَارَة مَعْصِيّة لَا تُقصر الصَّلَاة فِيهِ، وسيحرم ذَلِك يَوْم الْحَاجة ماسَّة إِلَى شَفَاعَته، وَأَن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل لم تبدل ألفاظهما وَإِنَّمَا بدلت معانيهما اه. وَقَالَ بَعضهم: وَمن نظر إِلَى كتبه لم ينْسب إِلَيْهِ أَكثر هَذِه الْمسَائِل غير أَنه قَائِل بالجهة وَله فِي إِثْبَاتهَا جُزْء، وَيلْزم أهل هَذَا الْمَذْهَب الجسمية والمحاذاة والاستقرار: أَي فَلَعَلَّهُ فِي بعض الأحيان كَانَ يُصَرح بِتِلْكَ اللوازم فنسبت إِلَيْهِ ذَلِك من أَئِمَّة الْإِسْلَام الْمُتَّفق على جلالته، وإمامته، وديانته، وَأَنه الثِّقَة الْعدْل المرتضى الْمُحَقق المدقق، فَلَا يَقُول شَيْئا إِلَّا عنْ تثبُّتْ وَتحقّق ومزيد احْتِيَاط وتحرِّ سِيمَا إنْ نَسَبَ إِلَى مُسلم مَا يَقْتَضِي كُفْره ورِدَّته وضلاله وإهدار دَمه، فَإِن صحَّ عَنهُ مْكفِّر أَو مبدع يعامله الله بعدله وَإِلَّا يغْفر لنا وَله. ٧٠ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه: مَا حكم علم الرمل وَفعله، وَهل يَصح أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخط فَقَالَ: (كَانَ نبيّ من الْأَنْبِيَاء يَخطُّ فَمن وَافق خَطَّه علم) ، وَفِي رِوَايَة: (فَمن وَافق فَهُوَ الْخط) وَيُقَال إِن ذَلِك النَّبِي إِدْرِيس صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم، وَيُقَال إِبْرَاهِيم من قَوْله تَعَالَى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} [الصافات: ٨٨، ٨٩] أَي الخطوط، وَفِي رِوَايَة (سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخط فِي التُّرَاب فَقَالَ: علمِه نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَمن وَافق علمه علم) ؟ فَأجَاب بقوله: تعلم الرمل وتعليمه حرَام شَدِيد التَّحْرِيم، وَكَذَا فِعْله لما فِيهِ من إِيهَام الْعَوام أنَّ فَاعله يُشَارك الله فِي غيبه وَمَا اسْتَأْثر بمعرفته، وَلم يُطْلع عَلَيْهِ إِلَّا أنبياؤه وَرُسُله بِوَاسِطَة نَحْو تنجيم، أَو زَجْر أَو خطّ أَو بِغَيْر وَاسِطَة، وَقد أكذب الله مدعي علم الْغَيْب وَأخْبر فِي كِتَابه الْعَزِيز بِأَنَّهُ المستبد بِعلم مَا كَانَ وَمَا يكون فِي غير مَا آيَة. فَقَالَ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىاغَيْبِهِ أَحَداً إِلَاّ مَنِ ارْتَضَىامِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} [الْجِنّ: ٢٦، ٢٧] على أَنه قيل: إنَّ الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع فَلَا يَقع الْإِخْبَار وَلَا للرسول وَلَكِن المُرَاد حينئذٍ الْإِخْبَار بِجَمِيعِ المغيبات جملها أَو تفاصيلها، فَهَذَا لم يعلم بِهِ رَسُول وَلَا غَيره وَقَالَ: {قُل لَاّ يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ

<<  <   >  >>