للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سهلة المأخذ.

وأيضًا فلو لم تكن كذلك لزم بالنسبة إلى الجمهور تكليف ما لا يطاق، وهو غير واقع كما هو مذكور في الأصول ...

وأما العمليات: فمن مراعاة الأمية فيها أن وقع تكليفهم بالجلائل في الأعمال والتقريبات (١) في الأمور، بحيث يدركها الجمهور، كما عرف أوقات الصلوات بالأمور المشاهدة لهم، كتعريفها بالظلال، وطلوع الفجر، والشمس وغروبها، وغروب الشفق، وكذلك الصوم ... ولم يطالبنا بحساب مسير الشمس مع القمر بالمنازل؛ لأن ذلك لم يكن من معهود العرب ولا من علومها، ولدقة الأمر فيه، وصعوبة الطريق إليه. وأجرى لنا غلبة الظن في الأحكام مجرى اليقين وعذر الجاهل فرفع عنه الإثم، وعفا عن الخطأ، إلى غير ذلك من الأمور المشتركة للجمهور، فلا يصح الخروج عما حد في الشريعة، ولا تطلب ما وراء هذه الغاية؛ فإنها مظنة الضلال، ومزلة الأقدام» اهـ.

قلت: وكلام هذا الإمام يدل دلالة واضحة على أن الشريعة لا تتوقف معرفتها على شيء من العلوم الطبيعية والاكتشافات العِلميَّة الحديثة، فما ذهب إليه الدكتور من تعذر إحصاء الأسماء التسعة والتسعين بدون وجود الحاسب الآلي باطل، اعتمادًا على الأدلة التي ساقها الإمام الشاطبي رحمه الله.


(١) علق الشيخ دراز على هذا الموضع بقوله: «لعل الأصل "بالتقريبات"، أي: فلم يُكلفوا بما يقتضي الضبط التام للأوقات، بل بأمور وعلامات تقريبية، مع أنها جُعلَتْ أمارات لجلائلِ الأعمال كالصلاة والصوم والحج» اهـ.

<<  <   >  >>