قال الدكتور (ص: ٨): «في نهاية القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري حاول ثلاثة من رواه الحديث جمعها - أي: جمع الأسماء الحسنى التسعة والتسعين - باجتهادهم؛ إما استنباطًا من القرآن والسنة أو نقلًا عن اجتهاد الآخرين في زمانهم، الأول منهم -وهو أشهرهم وأسبقهم- الوليد بن مسلم مولى بني أمية (ت: ١٩٥ هـ) وهو عند علماء الجرح والتعديل كثير التدليس والتسوية في الحديث ... » اهـ.
أقول:
نفهم من كلام الدكتور أن هذه الأسماء المشهورة بين الناس هي من اجتهاد الوليد بن مسلم أو مِن نقله عن اجتهاد بعض شيوخه، والوليد يدلس تدليس التسوية؛ فلذلك لا نقبل منه هذه الأسماء!
وهذا طعن ليس في محله؛ لأن تدليس التسوية خاص بالرواية لا بالاجتهاد (١). والوليد بن مسلم رحمه الله قد جمع هذه الأسماء باجتهاده
(١) وتدليس التسوية هو كما قال الحافظ العراقي في «التقييد والإيضاح» (ص: ٩٦): «أن يجيء المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة، وقد سمعه ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف، وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة، فيعمل المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيُسقِط منه شيخَ شيخِه الضعيف، ويجعله من رواية شيخِه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل -كالعنعنة ونحوها-، فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه؛ لأنه قد سمعه منه، فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل» اهـ.