وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى»(٢٠/ ٢٣٣):
«إن الإحاطة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد من الأمة ..... وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يمكن ادعاؤه قط ... » اهـ.
وقال أيضا (٢٠/ ٢٣٨ - ٢٣٩) بعد أن ذكر آثارا كثيرة تدل على خفاء بعض السنة على أكابر الصحابة:
(فهؤلاء كانوا أعلم الأئمة وأفقهها وأتقاها وأفضلها، فمن بعدهم أنقص، فخفاء بعض السنة عليه أولى، فلا يحتاج إلى بيان. فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الأمة أو إمامًا معينًا فهو مخطئ خطأ فاحشًا قبيحًا).
ولا يقولن قائل: الأحاديث قد دونت وجمعت، فخفؤها والحال هذه بعيد؛ لأن هذه الداويين المشهورة في السنن إنما جمعت بعض إنقراض الأئمة المتبوعين. ومع هذا فلا يجوز أن يُدعَى انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة، ثم لو فرض انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم، ولا يكاد ذلك يحصل لأحد، بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط بما فيها، بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير؛ لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع، أو لا يبلغنا بالكلية، فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين. وهذا أمر لا يشك فيه من علم القضية» اهـ.