للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولئن كانت قيمةُ الإنسان بمقدار ما يناله من لذائذه، فإن الحيوانَ أكثرُ منه قيمة، وأعلى قدرًا.

وحين ينطلق الإنسانُ وراء فتاةٍ يهواها، أو وراءَ الغانيات يشبع بهن لذائذَه، أيستطيع أن يزعم أنه حرٌّ من سلطانهن؟ !! أو تراه أسيرَ اللحظات، رهنَ الإشارةِ، شاردَ اللبِّ، مُعَنّى القلبِ أقصى أمانيه في الحياة بسمة من حبيبٍ هاجرٍ، أو وصال من جسم ممتنع؟ !

أيةُ عبوديةٍ أذلُّ من هذه العبودية، وهو لا يملك زِمامَ نفسِه، ولا حريّةَ قلبِه؛ فلا يتحكَّم في حبه ولا بغضه، ولا رضاه، ولا غضبه؟ !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإنَّ أسْرَ القلبِ أعظمُ من أسر البدن، واستعبادَ القلب أعظمُ من استعباد البدن؛ فإن من استُعْبِد بدنُه، واستُرِقّ وأُسِر لا يبالي إذا كانَ قلبُه مستريحًا من ذلك مطمئنًّا، بل يمكنه الاحتيالُ في الخلاص؛ وأما إذا كان القلب - الذي هو مَلِك الجسم - رقيقًا مستعبدًا متيَّمًا لغير الله؛ فهذا هو الذلُّ، والأسرُ المَحْضُ، والعبوديةُ الذليلة لما استعْبَدَ القلبَ.

<<  <   >  >>