ومن أعجب أساليب القرآن تعبيرُه عن مثل هذه الحالة بقوله:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}(الجاثية: من الآية ٢٣) . فليست العبودية الذليلة - إذًا - قيدًا ولا سجنًا فحسب، فهذه أيسرُ أنواع العبودية، وأسرعُها زوالًا.
وليست الحريةُ هي القدرة على الانتقال من بلد إلى بلد آخر، فتلك أيسرُ أنواعِ الحرية، وأقلُّها ثمنًا؛ ولكن الحريةَ الحقَّة: أن تستطيعَ السيطرةَ على أهوائك ونوازع الشر في نفسك، والحريّة الحقَّة ألا تستعبدَك عادةٌ، ولا تَستذِلَّك شهوةٌ.
وبهذا المعنى كان المؤمنون - حقًّا - هم أهلُ الحرية الحقَّة؛ فعبوديتهم لله، تحررهم من كل عبودية، وإخلاصُهم لله، يَصْرِفُ عنهم كلَّ ذِلَّةٍ وتبعيَّة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(من أراد السعادة الأبدية؛ فليلزم عتبةُ العبودية) .