وبالجملة فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه؛ فالجزاء من جنس العمل {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .
أيها الصائم الكريم: إذا أردت مثالًا جليًّا، يبين لك أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه فانظر إلى قصة يوسف -مع امرأة العزيز؛ فلقد راودتْهُ عن نفسه فاستعصم، مع ما اجتمع له من دواعي المعصية، فلقد اجتمع ليوسف ما لم يجتمع لغيره، وما لو اجتمع كلُّه أو بعضُه لغيره لربما أجاب الداعي، بل إن من الناس من يذهب لمواقع الفتنِ بنفسه، ويسعى لحتفه بظلفه، ثم يبوءُ بعد ذلك بالخسران المبين في الدنيا والآخرة.
أما يوسف - عليه السلام - فقد اجتمع له من دواعي الزنا ما يلي:
أولًا: أنه كان شابًّا، وداعيةُ الشباب إلى الزنا قوية.
ثانيًا: أنه كان عَزَبًا، وليس له ما يعوضه ويرد شهوته من زوجة، أو سُرِّيَّة.
ثالثًا: أنه كان غريبًا، والغريبُ لا يستحيي في بلد غربته مما يستحيي منه بين أصحابه ومعارفه.
رابعًا: أنه كان مملوكًا، فقد اشتري بثمن بخس دراهم معدودة، والمملوكُ ليس وازعه كوازع الحر.