للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما حياءُ العبودية: فهو حياءٌ ممتزجٌ من محبةٍ، وخوفٍ، ومشاهدةِ عدم صلاح عبوديته لمعبوده، وأن قدره أعلى وأجلُّ منها؛ فعبوديته له توجب استحياءه منه لا محالة.

وأما حياءُ الشرفِ والعزة: فحياءُ النفسِ العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها من بذلٍ، أو عطاءٍ، أو إحسانٍ؛ فإنه يستحيي -مع بذله- حياءَ شرفِ نفسٍ، وعزة.

وهذا له سببان أحدهما هذا، والثاني: استحياؤه من الآخذ، حتى كأنه هو الآخذُ السائلُ، حتى إنَّ بعض أهل الكرم لا تطاوعه نفسُه بمواجهته لمن يعطيه حياءً منه، وهذا يدخل في التلوم؛ لأنه يستحيي من خجلة الآخذ.

وأما حياء المرء من نفسه: فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة من رضاها لنفسها بالنقص، وقناعتها بالدون، فيجدُ نفسَه مستحييًا من نفسه، حتى لكأن له نَفْسين، يستحي بإحداهما من الأخرى.

وهذا أكملُ ما يكون من الحياء؛ فإن العبد إذا استحيا من نفسه فهو بأن يستحيي من غيره أجدر" انتهى ملخصًا من كلام ابن القيم -رحمه الله-.

<<  <   >  >>