إن كان الأول، فإن تغيير منكر غيره فرض عليه، ما تحققت فيه بقية شرائط التغيير. فلا يتأثر بوقوعه هو في منكر آخر، فالواقع في منكر الغيبة مثلاً، عليه أن يغير منكر سرقة واقع من غيره. فإِننا لو اشترطنا أن يكون القائم بالتغيير خالياً من كل منكر، فإنا نكاد لا نجد من يتحقق في ذلك، ولا سيما في عصرنا والعصور القادمة.
يقول سعيد بن جبير:((إن لم يأمر بمعروف ولم ينه عن المنكر، إلا من لا يكون فيه شيء، لم يأمر أحد بشيء)) فأعجب مالكا ذلك من سعيد بن جبير)) .
وإن كان الآخر أي المغيِّر، واقعاً في منكر من جنس ما يراه من غيره، فإن له حالين: أن يكون غيره عليماً بوقوعه فيه أو لا يكون.
إن كان عليماً بوقوعه فيه فالأولى تغيير منكر نفسه أولاً، ولا سيما إذا ما كان التغيير باللسان، حتى لا يكون السعي إلى التغيير حينئذٍ عقيماً أو عقباه أكثر ضرراً.
وإن كان غير عليم بوقوعه فيه، لم يتوقف تغييره منكر غيره على تقديم تغييره منكر نفسه، بل يفعلهما معاً أيَّاً كان سبيل التغيير وآلته، فلا ينتظر الفراغ من تمام تغيير منكر نفسه، ولا سيما إذا ما كان المغير ذا ولاية عامة أو خاصة على من يريد تغيير منكره.