للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإمام الأعظم (١) -فإن الواقع التاريخي يشهد أن هذا الاتحاد بينهما لم يكن هو الغالب في التاريخ الممتد، بل ربما اقترب الحال كثيرًا من النموذج الراشد حتى وصف به، كما وصف به عهد عمر بن عبد العزيز (ت ١٠١ هـ) (٢)، وربما اختلفت درجة القرب حتى لربما كان الفقهاء يديرون أو يشاركون في جهاز الدولة (٣)، بل ربما كان السلطان نفسه فقيهًا كما قد جرى في مرات كثيرة (٤)، غير أنه ظل بعيدًا عن أن يوصف حكمه بشرط الرشد المذكور. وربما ابتعد السلطان في أحواله الخاصة أو الأحوال العامة عن نهج الشريعة، لكن الالتزام بمرجعيتها كان أساسًا ظاهرًا في تاريخ الدول والممالك الإسلامية إلى مشارف العصور الحديثة.


(١) يقول الإمام الشاطبي (ت ٧٩٠ هـ): (إن العلماء نقلوا الاتفاق على أن الإمامة الكبرى لا تنعقد إلا لمن نال رتبة الاجتهاد والفتوى في علوم الشرع) الاعتصام (٣/ ٤٢)، وقال الإمام الجويني (ت ٤٧٨ هـ): (ولم يؤثر في اشتراط ذلك خلاف) الغياثي (٨٤).
وانظر: الأحكام السلطانية للماوردي (٥)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (٢٠).
(٢) روي عن سفيان الثوري (ت ١٦١ هـ) مثلًا أنه قال: ((الخلفاء خمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز)) سنن أبي داود، كتاب السُّنِّة، باب في التفضيل (٤٦٠٧).
(٣) انظر على سبيل المثال: دور فقهاء الأندلس في الحياة السياسية والاجتماعية بالأندلس في عصري الإمارة والخلافة، د. خليل الكبيسي (١٥٩)، فقهاء المالكية وآثارهم في مجتمع السودان الغربي، سحر مرجان (١٣٥).
(٤) انظر على سبيل المثال: ما قيل في ترجمة أبي عنان (ت ٧٥٩ هـ) من سلاطين بني مرين في: سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، الكتاني (٣/ ٣٤٧)، ودور الفقيه عبد الله بن ياسين (ت ٤٥١ هـ) في قيام دولة المرابطين في: الأثر السياسي للعلماء في عصر المرابطين، محمد محمود بن بيه (٥٧).

<<  <   >  >>