للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ - موقف التقارب والتعاون وتولي المناصب والمشاركة في صياغة القرار السياسي، وهذا كان اختيار طائفة من الفقهاء الذين يرون في المشاركة تأثيرًا إيجابيًا وتعاونًا على البر والتقوى وأداءً للنصيحة إلى أئمة المسلمين وعامتهم، أو سعيًا في تقليل الشر والفساد على أقل الأحوال، فاقتربوا من الخلفاء والسلاطين بالنصيحة والشورى، وتولوا المناصب المختلفة من إمارة ووزارة وقضاء وكتابة وشرطة وولاية على بيت المال وغير ذلك (١).

وعندما ينبه الفقهاء على طاعة السلطان نجدهم يؤكدون على الدوام أن هذه الطاعة إنما تكون في المعروف، وهذا التأكيد منهم تأكيد على ضبط القانون العام الذي يحفظ للناس مصالحهم ويحجزهم عن الفوضى واختلال النظام. يقول الإمام المقَّري (ت ٧٥٨ هـ): (يجب ضبط المصالح العامة، ولا تنضبط إلا بتعظيم الأئمة في نفوس الرعية، ومتى اختلف عليهم أو أهينوا تعذرت المصلحة) (٢).

٢ - موقف الصدام والمواجهة، وهذا كان موقف طائفة من الفقهاء الذين كانوا يبادرون إلى إسقاط شرعية الحاكم ومناجزته متى ما أداهم اجتهادهم إلى ذلك، وأمثلة ذلك كثيرة في التاريخ، فمنها ثورة القراء المشهورة على الحجاج مع ابن الأشعث سنة


(١) انظر: أثر العلماء في الحياة السياسية في الدولة الأموية، د. عبد الله الخرعان (١٠٩)، دور الفقهاء في الحياة السياسية والاجتماعية بالأندلس في عصري الإمارة والخلافة، د. خليل الكبيسي (١٥٩).
(٢) القواعد (٢/ ٤٢٩).

<<  <   >  >>