الفقهية قد يذهل عن ملاحظة التقسيمات والترتيبات الكلية، فتتكشف مع الزمن نقائص بحاجة إلى استدراك، ومن أمثلة ذلك أن اعتماد الترتيب الفقهي المعهود من زمن المزني والخرقي أدى إلى فقدان أبواب ومجالات مهمة يجري تداركها من زمن لزمن من قبل أفراد بشكل مستقل بعيدًا عن المنظومة الأصلية، ومع أن هذا فيه بعض الاستدراك النافع إلا أنه ربما أدى إلى خلل في التصورات الفقهية العامة أثناء التعلم. فإذا ما أضفنا لذلك وجوب اعتبار الطفرات النوعية في الموضوعات والمسائل الفقهية في العصر الحاضر فإننا بحاجة ماسة إلى مجهود فقهي كبير وشامل لإعادة هيكلة الأبواب والمسائل الفقهية بشكل ملائم يستوعب مقاصد الفقهاء السابقين ويمد آفاقها لتشمل الموضوعات المتجددة، حتى لقد جرى تشبيه هذا الزمان الذي نعيشه بزمان ما قبل الخلال (ت ٣١١ هـ) والخرقي (ت ٣٣٤ هـ) وأبي يعلى (ت ٤٥٨ هـ) في المذهب الحنبلي، لما كانت مسائل الإمام أحمد منثورة متفرقة فنهض أولئك الفقهاء لجمعها وفحصها ودراستها وتقسيمها، فرسخ المذهب بجهودهم (١). ولا ريب أن مثل هذه
(١) انظر: مقررات فقه القضايا المعاصرة بين الواقع والمأمول، د. عامر بهجت (١٩)، وراجع في جهود الخلال ومن بعده: أبو بكر الخلال جامع الفقه الحنبلي ترجمة موسعة للخلال مع بيان أثره في تدوين المذهب الحنبلي، هشام يسري العربي (١٧١).