للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جاء في رسالة الليث بن سعد (ت ١٧٥ هـ) إلى الإمام مالك (ت ١٧٩ هـ): (وذاكرتك أنت وعبد العزيز بن عبد الله (ت ١٦٤ هـ) بعض ما نعيب على ربيعة (ت ١٣٦ هـ) من ذلك، فكنتما لي موافقين فيما أنكرت تكرهان منه ما أكره، ومع ذلك بحمد الله عند ربيعة خير كثير وعقل أصيل ولسان بليغ وفضل مستبين وطريقة حسنة في الإسلام ومودة صادقة لإخوانه عامة ولنا خاصة، رحمة الله عليه وغفر له وجزاه بأحسن من عمله) (١).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت ٧٢٨ هـ): (ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متمًا وقال: الخلاف شر) (٢).

ومن المهم الإشارة في ختام هذا الحديث إلى أمر لا يصح أن يغفل عنه فقيه معني بشؤون الإصلاح، وهو أن قضايا الإصلاح الكبرى لا ينبغي أن تكون من قبيل المسائل الخلافية بين المذاهب المعتبرة، بل هي من أصول الدين التي لا خلاف بين أهل الفقه والحكمة فيها، ولا يقصد من هذا بحال أن ما يسميه الفقهاء (الخلافيات) ليس لها دور وأثر في الإصلاح، فقد مضى بيان


(١) انظر: المعرفة والتاريخ، الفسوي (١/ ٦٩٠).
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٢/ ٤٠٧).

<<  <   >  >>