الصلاح، والزلة إذا كان الفقيه مصدرها فإن آثارها تتفاقم، ولذا فقد استفاض في كلام أهل العلم التحذير من زلة العالم الذي يضل بخطئه خلق كثير.
ومن ضرورة الحديث عن ((إصلاح الفقيه)) أن يعلم الفرق بين مفهوم (الفقيه) بمعناه المتخصص عند المتأخرين، و (الفقيه) بمفهومه العام عند السلف الأول الذي يقابل العالم العامل البصير بالشريعة القادر على إصلاح الحياة بهداها، ومن تمام إدراك هذا المعنى أن تعلم وظائف الفقيه وواجباته، لئلا يجري الخلط في هذه الوظائف بتخليه عن بعضها أو إضافة ما ليس منها إليها.
ولما كانت وظائف الفقيه تحتم عليه مخالطة الناس بأطيافهم وطبقاتهم المختلفة من ساسة ونخبة مثقفة وعامة، فإن من المهم إدراك علاقات الفقيه المتعددة بتلك الأطياف وأثرها على أدائه لوظائفه، فإن الفقه ليس فكرًا مجردًا ولا تنظيرًا محضًا، بل هو واقع يعيشه الفقيه فيؤثر فيه ويتأثر به، وما لم يكن الفقيه قادرًا على إقامة التوازن في علاقاته فلربما أدى به ذلك إلى خلل في أداء وظائفه. وتنوع طبائع الفقهاء وتعدد اجتهاداتهم في ذلك كفيلة بتوليد نوع من التكامل العفوي الذي يقيم أشكالًا من التوازن في الحياة.
ولا بد من التأكيد قبل ذلك وبعده على أهمية الاعتناء بتأهيل الفقيه المقتدر على القيام بأعباء تلك الوظائف بشكل منهجي من خلال إصلاح التعليم الذي يتخرج الفقيه من خلاله،