للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منكرات اللباس والمظهر أو أي مجال آخر محدود، فإذا أضيف إلى ذلك الإيمان بما وعد الله به المؤمنين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من الحياة الطيبة والمعاش الصالح فإننا نعلم شيئًا من الفرق بين بيئة مؤمنة وأخرى كافرة (١).

لقد شرع الله جل جلاله لنا من الدين ما فيه الصلاح التام لأحوالنا، وشرط تحقق النتائج بتمامها أن نمتثل لشروطها، فإن الفقه لن يؤتي ثماره التامة ما لم يُفعَّل في بيئته، أما إذا عزلناه عن التأثير وأقمنا له المجامع والمؤتمرات والفعاليات دون تكوين وتوليد وترسيخ آليات لتطبيقه في كافة شؤون الحياة فإننا لن ننعم بآثاره، ولا يعني ذلك أنه لن يجدي نفعًا ألبتة فإنه خير على كل حال، ولكن تمام هذا الخير في امتثال شروطه.

يقول الطاهر بن عاشور (ت ١٣٩٣ هـ): (فلو أن قومًا غير مسلمين عملوا في سيرتهم وشؤون رعيتهم بمثل ما أمر الله به المسلمين من الصالحات بحيث لم يعوزهم إلا الإيمان بالله ورسوله، لاجتنوا من سيرتهم صورًا تشبه الحقائق التي يجتنيها المسلمون؛ لأن تلك الأعمال صارت أسبابًا وسننًا تترتب عليها آثارها التي جعلها الله سننًا وقوانين عمرانية، سوى أنهم لسوء معاملتهم ربهم بجحوده أو بالإشراك به أو بعدم تصديق رسوله يكونون بمنأى عن كفالته وتأييده إياهم ودفع العوادي عنهم، بل يكلهم إلى أعمالهم وجهودهم على حسب المعتاد) (٢).


(١) انظر: المجتمع العربي من سيادة العلم إلى وحل الخرافة، يحيى بن جنيد (٩٧).
(٢) التحرير والتنوير (١٨/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>