إن المحاور المسلم المخلص الصادق يحرص على ظهور الحق، ويشفق على خصمه الذي يناظره من الضلال، ويخاف عليه من الإعراض والمكابرة والتولي عن الحق.
فالرحمة والشفقة أدب مهم جدًّا في الحوار، لأن المحاور يسعى لهداية الآخرين واستقامتهم فلذلك يبتعد عن كل معاني القسوة والغلظة والفظاظة والشدة. فلا يكون الحوار فرصة للكيد والانتقام، أو وسيلة لتنفيس الأحقاد، وطريقة لإظهار الغل والحسد، ونشر العداوة والبغضاء.
والرحمة جسر بين المحاور والطرف الآخر، ومفتاح لقلبه وعقله، وكلما اتضحت معالم الرحمة على المحاور كلما انشرح صدر الخصم، واقترب من محاوره، وأذعن له واقتنع بكلامه. يقول - سبحانه - مخاطبًا نبيه:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩] .
ولذلك كان الأنبياء في حوارهم مع أقوامهم يصرحون بالخوف والحرص والشفقة عليهم.