للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أول مقامه في المدينة أن يقيم بينه وبينهم علائق سلم، وأن يؤمِّنهم على دينهم وأموالهم، وكتب لهم بذلك كتاباً، ولكنهم قوم غدر، فما لبثوا غير قليل حتى تآمروا على قتله، مما كان سبباً في "غزوة بني النضير" ثم نقضوا عهده في أشد المواقف حرجاً "يوم الأحزاب" مما كان سبباً في "غزوة بني قريظة"، ثم تجمَّعوا من كل جانب يهيِّئون السلاح ويبيِّتون الدسائس، ويتجمَّعون ليقضوا في غدر وخسَّة على المدينة والمؤمنين فيها، مما كان سبباً في "غزوة خيبر".

هؤلاء قوم لا تنفع معهم الحسنى، ولا يصدق لهم وعد، ولا يستقيم لهم عهد وكلما وجدوا غرة اهتبلوها، فهل كان على النبي من حرج فيما فعله بهم؟ وهل كان عليه أن يتحمل دسائسهم وخياناتهم ونقضهم للعهود فيعيشوا وأصحابه دائماً في جو من القلق والحذر وانتظار الفتنة والمؤامرات؟ لقد ضمن النبي صلى الله عليه وسلم بحزمه معهم حدود دولته الجديدة، وانتشار دعوته في الجزيرة العربية كلها، ثم من بعد ذلك إلى أرجاء العالم ولا يلوم النبيَّ على حزمه معهم إلا يهوديٌّ أو متعصب أو استعماري وها هي سيرة اليهود في التاريخ بعد ذلك، ألم تكن كلُّها مؤامراتٍ ودسائسَ وإفساداً وخيانةً؟ ثم ها هي سيرتهم في عصرنا الحديث هل هي غير ذلك؟ ولقد كان فينا قبل حرب فلسطين وقيام اسرائيل فيها من يخدع بمعسول كلامهم فيدعوا إلى التعاون معهم، وكان فينا من يساق إلى دعوة التعاون معهم من قبل أصدقائهم من الدول الكبرى، وكانت نتيجة ذلك التخاذل وفسولة الرأي في معالجة قضية فلسطين، أما بعد ذلك فلا يوجد من يغترُّ بهم، وليس لنا

<<  <   >  >>