الحرب في الاسلام معنوية تهدف إلى نشر الحق، ودفع الأذى والعدوان، وهذا ما صرحت به آيات وأحاديث كثيرة صريحة، ومن الغرابة بمكان أن يضحي الإنسان بحياته، ويعرض مستقبل أسرته للضياع، طمعاً في مغنم مادي مهما كبر، والطمع في المغانم المادية لا يمكن أن يؤدي الى البطولات الخارقة التي بدت من المحاربين المسلمين في صدر الاسلام، ولا يمكن أن يؤدي الى النتائج المذهلة التي انتهت اليها معارك الاسلام مع العرب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي انتهت اليها معاركه مع فارس والروم فيما بعد، على أن أعداء الاسلام لم تكن تنقصهم المطامع المادية، فغنيمة أموال المسلمين ورقابهم في حال هزيمتهم كانت من نصيب أعدائهم حتماً، ولم يكن المسلمون وحدهم هم الذين يقتسمون أموال أعدائهم ورقابهم عند الانتصار عليهم، بل كان هذا شأن كل جيشين متحاربين، فلماذا لم تؤد المطامع المادية عند الأعداء إلى البطولات الخارقة، والنتائج المذهلة التي كانت تبدو من الجنود المسلمين، والتي أسفرت عنها الحروب الاسلامية؟ وفي وقائع الحروب الاسلامية ما ينفي نفياً قاطعاً بأن الدوافع المادية كانت هي الباعث الرئيسي في نفس الجندي المسلم، ففي معارك بدر، وأحد، ومؤتة، وغيرها كان البطل المسلم يتقدم الى المعركة مؤملاً في إحراز شرف الشهادة ونعيم الجنة، حتى كان أحدهم يقذف بالتمرة من فمه حين يسمع وعد الرسول للشهداء بالجنة، ويخوض المعركة وهو يقول: بخٍ بخٍ، ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا هذه التمرات، والله إنها لمسافة بعيدة، ثم ما يزال يقاتل حتى يقتل، وكان