٣ - إن دعوة الإصلاح إذا كانت غريبة على معتقدات الجمهور وعقليته، ينبغي ألا يجهر بها الداعية حتى يؤمن بها عدد يضحون في سبيلها بالغالي والرخيص، حتى إذا نال صاحب الدعوة أذى، قام أتباعه المؤمنون بدعوته بواجب الدعوة، فيضمن بذلك استمرارها.
٤ - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فاجأ العرب بما لم يكونوا يألفونه، وقد استنكروا دعوته أشد الاستنكار، وكان كل همهم القضاء عليه وعلى أصحابه، فكان ذلك ردا تاريخيا على بعض دعاة القومية الذين زعموا أن محمدا عليه الصلاة والسلام إنما كان يمثل في رسالته آمال العرب ومطامحهم حينذاك، وهو زعم مضحك ترده وقائع التاريخ الثابتة كما رأينا، وما حمل هذا القائل وأمثاله على هذا القول إلا الغلو في دعوى القومية وجعل الإسلام أمرا منبثقا من ذاتية العرب وتفكيرهم، وهذا إنكار واضح لنبوة الرسول وخفض عظيم لرسالة الإسلام.
٥ - إن ثبات المؤمنين على عقيدتهم بعد أن ينزل بهم الأشرار والضالون أنواع العذاب والاضطهاد، دليل على صدق إيمانهم وإخلاصهم في معتقداتهم، وسمو نفوسهم وأرواحهم، بحيث يرون ما هم عليه من راحة الضمير واطمئنان النفس والعقل، وما يأملونه من رضا الله جل شأنه أعظم بكثير مما ينال أجسادهم من تعذيب وحرمان واضطهاد.
... إن السيطرة في المؤمنين الصادقين، والدعاة المخلصين تكون دائما وأبدا لأرواحهم لا لأجسامهم، وهم يسرعون إلى تلبية مطالب أرواحهم من حيث لا يبالون بما تتطلبه جسومهم من راحة وشبع ولذة،