أعرضت عنه مكة، دليل على التصميم الجازم في نفس الرسول على الاستمرار في دعوته، وعدم اليأس من استجابة الناس لها، وبحث عن ميدان جديد للدعوة بعد أن قامت الحواجز دونها في ميدانها الأول، كما أن في إغراء ثقيف صبيانها وسفهاءها بالرسول، دليلا على أن طبيعة الشر واحدة أينما كانت، وهي الاعتماد على السفهاء في إيذاء دعاة الخير، وفي سيل الدماء من قدمي النبي صلى الله عليه وسلم - وهو النبي الكريم-، أكبر مثل لما يتحمله الداعية في سبيل الله من أذى واضطهاد، أما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في البستان ذلك الدعاء الخالد، ففيه تأكيد لصدق الرسول في دعوته، وتصميم على الاستمرار فيها مهما قامت في وجهه الصعاب، وأنه لا يهمه إلا رضا الله وحده، فلا يهمه رضا الكبراء والزعماء، ولا رضا العامة والدهماء «إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي» كما أن فيه استمداد القوة من الله باللجوء إليه والاستعانة به عندما يشتد الأذى بالداعية، وفيه أن خوف الداعية كل الخوف هو من سخط الله عليه وغضبه، لا من سخط أي شيء سواه.
٥ - في معجزة الإسراء والمعراج أسرار كثيرة نشير إلى ثلاثة منها فحسب:
... أولا- ففيها ربط قضية المسجد الأقصى وما حوله - فلسطين- بقضية العالم الإسلامي إذ أصبحت مكة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مركز تجمع العالم الإسلامي ووحدة أهدافه، وأن الدفاع عن فلسطين دفاع عن الإسلام نفسه، يجب أن يقوم به كل مسلم في