يمكن أن يجتمعوا فيه، وأنه لا ينبغي له أن ييأس من إعراضهم عنه مرة بعد أخرى، فقد يهيئ الله له أنصارا يؤمنون بدعوته الخيرة من حيث لا يفكر ولا يحتسب، وقد يكون لهذه القلة التي تهتدي به في بعض المناسبات شأن كبير في انتشار دعوة الحق والخير، وفي انتصارها النصر النهائي على الشر وأعوانه، فلقد كان لإيمان السبعة الأوائل من الأنصار الذين التقوا برسول الله أول مرة ما أدى إلى تغلغل الإسلام في المدينة، وكان لهذا التغلغل أثر في انتشار الإسلام وسيطرته عليها، مما مهد للمؤمنين المضطهدين في مكة أن يجدوا في المدينة مهاجرا يتمركزون فيه، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم موئلا أمينا يقيم فيه دولته، ويبث منه دعوته، وينطلق منه أصحابه إلى مقاومة الشرك والمشركين بالحروب والمعارك التي كانت نهايتها انتصارا خالدا للإيمان، وهزيمة أبدية للشرك، فرضي الله عن الأنصار من أوس وخزرج، كم كان لهم على الإسلام والمسلمين والعالم كله من فضل لا ينتهي خيره، ورضي الله عن إخوانهم المهاجرين الذين سبقوهم إلى الإيمان، وضحوا في سبيله بالغالي من الأموال والأوطان، وألحقنا بهم جميعا في جنة الرضوان.