للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والدكتور غنيمي هلال حينما جعل وظيفة الصورة كلية أو جزئية نقل التجربة الشعرية، واعتز بالصورة ورفع من منزلتها، فجعل القصيدة صورة فحسب، مما دفع بعض النقاد المعاصرين للرد عليه لإهماله الفكرة في القصيدة مما يؤدي إلى إخراج طائفة من القصائد العربية الممتازة من النطاق الشعري، وبذلك يكون قد أعطى للصورة من العناية قدرًا كبيرًا يفوق الفكرة في القصيدة. وذهب آخر١ إلى أن الصورة الأساس الأول والأخير في الحكم على القصيدة فلا تكون إلا بالصورة، لذلك كله يقول مصطفى السحرتي وهو يرد على الناقدين السابقين:

"إن في هذا غلوًّا كبيرًا، وفيه إخراج لطائفة من القصائد العربية وغير العربية الممتازة من النطاق الشعري، إذ قد تحتوي القصيدة على فكرة وتخلو من الصورة الشعرية والشعر ليس صورة كلية في كل أنواعه، بل إن هناك أنواعًا من الشعر تعد من أرقى أنواعه وتعرى من الصور، وتعد نصرًا لقائلها، وليس معنى ذلك أننا ننكر النظر إلى القصيدة كصورة كلية، ولكننا ننكر هذه المغالاة التي سار عليها بعض الجامعيين في إعطاء الصورة الشعرية منزلة كبيرة القدر، حتى إن بعضهم زعم أنه يستطيع أن يقدر الفن الشعري بما فيه من صور وهو د. ماهر حسن فهمي في كتابه "المذاهب النقدية" على أن الصورة هي بنت التجربة والانفعال والفكرة، فالحكم على القصيدة لا يكون بالصورة، بل بالتجربة ومادتها وأدواتها، ومن أبرزها الصورة والإيقاعات الموسيقية"٢.


١ المذاهب النقدية ص٢٠٣.
٢ النقد الأدبي من خلال تجاربي: الأستاذ مصطفى السحرتي٩٤.

<<  <   >  >>