فحضر، فقال: هذه هي تلك الدجاجة؟ فسكت، فقال: اصدقني، ويلك! قَالَ: فما فعلت بتلك؟ قَالَ: لما شيلت لم نعلم أنك تردها، فأخذها بعض الغلمان الصغار، فأكلها، فلما طلبتها أخذنا هذه فكسرنا منها وشعثنا مثل ما كنت كسرت من تلك وشعثت، طمعا في أنك لا تعلم بذلك، وقدمناها.
قَالَ: يا حمار، تلك كنت كسرت منها الفخذ اليمنى، وأكلت جانب الصدر الأيسر، وهذه مأكولة جانب الصدر الأيمن مكسورة الفخذ اليسرى، لا تعاود بعد هذا لمثل هذا.
فقال: السمع والطاعة.
وانصرف الطباخ، فجعلت أعجب من تفقده، وهو ملك لمثل هذا ونظره فيه "
٢٣٣ - أخبرنا التنوخي، قَالَ: أخبرني أبي، أن أبا منصور بْن سورين الكاتب النصراني حدثه، قَالَ: حدثني من سمع جحظة، يقول: " حضرت يوما عند بعض الرؤساء البخلاء، وكنت عقيب تشك، وقد أحضرت مائدته مضيرة حسنة، فأمعنت فيها إمعانا استنفد صبره، وهتك تجمله وستره، فقال لي: يا أبا الحسن، أعزك اللَّه، أنت عليل وجسمك نحيل، واللبن يستحيل.
فقلت له: والعظيم الجليل، لا تركت فيها من كثير ولا قليل، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل.
قَالَ: فصبر إلى أن أخذ النبيذ منه، ثم عربد علي، فانصرفت من عنده، وقلت، وصنعت فيه لحنا، من الطويل:
ولي صاحب لا قدس اللَّه روحه ... بطيء عن الخيرات غير قريب
أكلت عصيبا عنده في مضيرة ... فيا لك من يوم علي عصيب