فجعل الرقعة في كمه، وأقبل على شغله وقوضه، فلما أذنت الظهر، جاء غلامه ببغل فاره، فركبه وركبت معه، فصرنا إلى دار سرية حسنة بفاخر الفرش والآلات، ليس فيها إلا جوار روم للخدمة من غير فحل، فتركني في مجلسي، ودخل، ثم خرج إلي بثياب أولاد الخلفاء من حمام داره، وتبخر، وبخرني بند عتيق حدة، وأكلنا أطيب طعام وأنظفه، ونمنا وقمنا إلى مجلس سري للشرب، فيه فواكه وآلات بمال، فشربنا ليلتنا، فكانت ليلتي عنده أطيب من أختها عند الحسن بْن مخلد، فلما أصبحنا أخرج كيسين، فإذا أحدهما دنانير، فوزن لي من أجودها خمس مئة، ثم فتح الآخر، فإذا هو دراهم طرية، فوزن لي منها خمسة مئة، فقال: يا سيدي، تلك ما أمرت به، وهذه يعني: الدراهم هدية مني، فأخذتها وانصرفت، وصار الصيرفي لي صديقا، وداره لي معقلا "
٢٤٢ - أخبرنا القاضي أبو مُحَمَّد الحسن بْن الحسن بْن رامين الأستراباذي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن جعفر الجرجاني، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الفضل بْن عبد اللَّه العدني، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فارس بهراة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شعيب، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد البغدادي، قَالَ: " كنا في بيت أبي إسحاق نلعب بالشطرنج، إذ تعالى النهار وجعنا.
قَالَ: فتركنا اللعب، وجعلنا ننظر إلى جدار البيت، فإذا في ناحية الجدار مكتوب، من البسيط:
نعم الصديق صديق لا يكلفنا ... ذبح الفراخ ولا ذبح الفراريج
يرضى بلونين من كشك ومن عدس ... وإن تشهى فباقلى بطسوج