عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ يَا فَتَى.
ثُمَّ قَالَ: يَا لُبَابَةُ، وَكُثَيْنَةُ، وَبُثَيْنَةُ، وَأَسْمَى الْبَاقِيَاتِ مِنْهُنَّ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: نَسِيتُ أَسْمَاءَ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْهُنَّ، وَقَعَدَ وَأَقْعَدَنِي، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، وَأُخْتَانِ، وَزَوْجَةٌ وَأُمُّهَا، وَهُوَ وَأَنَا، فَصِرْنَا عَشَرَةً، فَحَلَّ الْهِمْيَانَ، وَقَالَ: ابْسُطُوا حُجُورَكُمْ.
فَبَسَطْتُ حِجْرِي، وَمَا كَانَ لَهُنَّ قَمِيصٌ لَهُ حِجْرٌ يَبْسُطْنَهُ، فَمَدَدْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وَأَقْبَلَ يَعُدُّ دِينَارًا دِينَارًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَ إِلَيَّ، قَالَ: وَلَكَ دِينَارٌ، لِأَنَّهُ أَقَعَدَهُنَّ عَلَى يَمِينِهِ، وَأْقَعَدَنِي عَلَى شِمَالِهِ، وَكَانَ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِنَّ حَتَّى فَرَغَ الْهِمْيَانُ، فَكَانَتْ أَلْفًا فِيهَا أَلْفٌ، فَأَصَابَنِي مِائَةُ دِينَارٍ.
فَدَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ غِنَاهُمْ، أَشَدُّ مِمَّا دَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ مَا أَصَابَنِي مِنَ الْمِائَةِ دِينَارٍ، وَهَدِيَّةِ اللَّهِ لِي.
فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ، قَالَ لِي: يَا فَتَى، إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ، وَمَا رَأَيْتُ هَذَا الْمَالَ قَطُّ، وَلَا أَمَّلْتُهُ قَطُّ، وَإِنِّي لَأَنْصَحُكَ: إِنَّهُ حَلَالٌ، فَاحْتَفِظْ بِهِ.
وَاعْلَمْ أَنِّي أَقُومَ سَحَرًا، فَأُصَلِّي الْغَدَاةَ فِي هَذَا الْقَمِيصِ الْخَلِقِ، ثُمَّ أَنْزَعُهُ، فَيُصَلِّينَ فِيهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، حَتَّى يُصَلِّينَ الثَّمَانِيَةُ فِيهِ، ثُمَّ أَمْضِي أَكْتَسِبُ إِلَى بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَأَعُودُ إِلَيْهِنَّ، فَأُعْطِيهِنَّ، فَيُصَلِّينَ فِيهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَى تَمَامِ اسْتِرْزَاقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ أَعُودُ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَقِطٍ، وَتَمْرٍ، وَكُسَيْرَاتِ كَعْكٍ، وَمِنْ بُقُولٍ انْتُبِذَتْ، ثُمَّ أَنْزَعُهُ فَيَتَدَاوَلْنَهُ، فَيُصَلِّينَ فِيهِ الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute