قَالَ: وَمَا الَّذِي تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى سَحَابًا دَوَانِي وَسَحَابًا بَوَانِي.
فَقَالَ: ارْعَيْ، لا بَأْسَ عَلَيْكِ.
فَرَعَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَةِ، إِنِّي أَخَافُ الْمَطَرَ.
قَالَ: وَمَا الَّذِي تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَاهَا كَبُطُونِ الأُتُنِ الْقُمْرِ فِي الْمَرَابِضِ الْغُبْرِ.
قَالَ: ارْعَيْ، لا بَأْسَ عَلَيْكِ.
قَالَ: وَمَا الَّذِي تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى سَحَابًا دُونَ سَحَابٍ، كَأَنَّهُ نَعَامٌ يَعْلَقُ بِأَرْجُلِهِ.
فَرَعَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَةِ، إِنِّي أَخَافُ الْمَطَرَ! قَالَ: وَمَا الَّذِي تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: سَحَابًا أَكَادُ أَرْفَعُهُ بِيَدِي.
فَرَعَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَةِ، إِنِّي وَاللَّهِ أَخَافُ الْمَطَرَ! قَالَ: مَا الَّذِي تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَاهَا قَدِ اسْلَنْطَحَتْ وَانْتَصَبَتْ.
قَالَ: وَيْحَكِ، فَانْجِي بِنَا، وَلا أَظُنُّكِ نَاجِيَةً، فَلَمْ يَبْلُغَا آخِرَ الْوَادِي حَتَّى سَالَ أَوَّلُهُ " قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى اسْلَنْطَحَتْ: انْبَسَطَتْ
فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا، كُلُّهُ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ، هُوَ الْعِلْمُ الصَّادِقُ النَّافِعُ، وَبِهِ يَكُونُ الاهْتِدَاءُ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَالنَّجَاةُ مِنْ حَيْرَةِ الضَّلالِ، فَكَمْ مِنْ قَوْمٍ أَشْفَى بِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الْهَلاكِ، فَأَنْجَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالاسْتِدْلالِ بِنَجْمٍ أَمُّوهُ وَوَجْهٍ قَصَدُوهُ، وَبِهِ يُعْرَفُ وَقْتُ النِّتَاجِ، وَوَقْتُ تَأْبِيرِ النَّخْلِ، وَوَقْتُ بَيْعِ الثَّمْرَةِ، وَإِقْبَالُ الْخَيْرِ وَإِدْبَارِهِ، وَأَمَارَاتُ الْخِصْبِ وَالْجَدَبِ، وَعَلامَاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute