لاحْتَرَسَ الْعِبَادُ مِنْ مَالِكِهِمْ، وَجَازَتْ عَلَيْهِ حِيَلُهُمْ، وَأَفْسَدَ إِرَادَتَهُ مَكْرُهُمْ.
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ بِاللَّهِ فِي ذَلِكَ، فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخُ بِسَنَدِهِ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَحْكَامَ النُّجُومِ لا يَصْلُحُ تَعَاطِي عِلْمِهَا لِذِي عَقْلٍ وَلا دِينٍ، لأَنَّهُ لا سَبِيلَ إِلَى اتِّصَالِ الصَّوَابِ فِيهَا، وَالَّذِي يُشْبِهُ الصَّوَابَ فَإِنَّمَا يَتَهَيَّأُ بِالاتِّفَاقِ، وَكَيْفَ الْعَاقِلُ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يُكَذَبَ مَرَّةً، وَيُصْدَقَ أُخْرَى؟ وَإِنَّمَا عُمُرُ الإِنْسَانِ كَالْبِضَاعَةِ الَّتِي يَنْبَغِي أَلا يُنْفِقَهَا إِلا فِي عِلْمٍ يَزْدَادُ بِالإِنْفَاقِ، فَبُعْدًا مِنْ بَاطِلٍ، وَقُرْبًا مِنْ حَقٍّ، وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ لا يُخْطِئَ النَّاظِرُ فِي أَحْكَامِ النُّجُومِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ تَنْغِيصٌ لِلْعَيْشِ، وَتَكْدِيرٌ لِصَفْوِهِ، وَتَضْيِيقٌ لِمُنْفَسَحِ الآمَالِ الَّتِي بِهَا قَرَّتِ الأَنْفُسُ، وَعُمِرَتِ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَفِ مَا يُرْجَى مِنَ الْخَيْرِ مَا يُتَوَقَّعُ مِنَ الشَّرِّ، لأَنَّ بَعْضًا لَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمُوتُ إِلَى سَنَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute