للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النَّهَارُ، وَبِمَغِيبِهَا يَأْتِي اللَّيْلُ، وَهِيَ سِرَاجُ الْعَالَمِ، وَضَوْءُهُ، وَأَحْرَى أَنُّكُمْ بَدَأْتُمْ بِهَا فِي الإِشْرَاقِ، فَهَلا بَدَأْتُمْ بِهَا فِي الْبُيُوتِ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّا نَبْدَأُ بِالشَّمْسِ فِي الْقِسْمَةِ لِهَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي وُصِفَتْ، قِيلَ لَهُ: وَلِمَ بَدَأْتُمْ بِهَا قَبْلَ زُحَلَ، وَالزُّحَلُ عِنْدَكُمْ بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا؟ ثُمَّ يُقَالُ: وَأَيُّ قِيَاسٍ أَوْجَبَ قِسْمَةَ الْحُدُودِ؟ أَعَلَى مَا قَسَّمَهَا عَلَيْهِ الْمِصْرِيُّونَ وَأَهْلُ بَابِلَ؟ أَوْ عَلَى مَا قَسَّمَهَا عَلَيْهِ بَطْلَيْمُوسُ مَعَ تَفَاوِتِ اخْتِلافِهِمَا؟ أَوَ لَيْسَ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا الْخِلافِ يَتَحَيَّرُ النَّاظِرُ فِي عُلُومِ النُّجُومِ؟ أَوْ يَيَأْسُ مِنْ إِدْرَاكِ عِلْمِهَا وَمِنْ أَنْ يَهْجِمَ مِنْهَا عَلَى حَقِيقَةٍ لاسِيَّمَا مَعَ عِظَمِ حَاجَةِ الْمُنَجِّمِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُدُودِ وَتَحْصِيلِهَا، وَقَدْ رَأَيْتُمْ أَهْلَ مِصْرَ لَمَّا قَسَّمُوا الْحُدُودَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ سِتَّ دَرَجَاتٍ، وَلِلزُّهَرَةِ سِتًّا، وَلِعُطَارِدَ وَالْمِرِّيخِ خَمْسًا، وَخَالَفَهُمْ بَطْلَيْمُوسُ فِي ذَلِكَ، فَجَعَلَ لِلزُّهَرَةِ ثَمَانِيَ دَرَجَاتٍ، وَلِعُطَارِدَ سِتًّا، وِلِلْمُشْتَرِي ثَمَانِيًا، وَلِزُحَلَ خَمْسًا، وَلِلْمِرِّيخَ ثَلاثًا، وَخَالَفَهُمْ بَطْلَيْمُوسُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلا فِي حَدِّ الزُّهَرَةِ، فَجَعَلَ

<<  <   >  >>