أنا لا أعرف أنَّ هنالك موضوعًا عقيما إذا ما أنزل طالب العلم عليه سبحات غيثه التفكيريّ والتدبري، كلّ موضوعات العلم أرض نقيّة تقبل الماء الطهور فتنبت الكلأ والعشب الكثير. المهم أن يصيبها الغيث من سماء قلب طالب العلم النّافع. ولذا لا ارى وجها لما درجت عليه أنظمة الدراسات العليا في الجامعات من منع تسجيل دراسة في موضوع سبق تسجيله من سنين عديدة. لا أظنّ أنَّ هنالك من يمكنه أن يوفيّ أيّ موضوع حقّه وإن كان شيخ الشيوخ في عصره فلا يبقى من الموضوعِ الكثيرُ المفتقرُ إلى حقّه من النظر والمباحثة والمفاتشة.
ينبغي أن نعيد النظر في مثل هذا، بل ينبغي أن نأذن لأكثر من باحث العمل في موضوع واحد في وقت واحد تحت إشراف أستاذين مختلفين منهجًا وثقافة، فإنَّ ذلك يمنحنا فيضًا عظيمًا من العلم النافع، ولو أن الأمر بيدي في مثل هذا لعملت على تحقيقه، ولكن لا يطاع لقصير أمر.