ثم إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصين على تطبيق السنة. وهي أنهم يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن، فإذا جاءت الركعة الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة، وهذا أمر لا ينبغي لما يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر، ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة الفجر ومع ذلك يقول:«إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه، وليؤمن على دعائه» .
ونظير هذه المسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في صلاة التراويح إذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة انصرفوا إذا تجاوز الإمام هذا العدد، وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاً أنكروا عليه الإتمام ومع ذلك كانوا يصلون خلفه ويتمون. ومن المعلوم أن إتمام الصلاة في حال يشرع فيها القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة، ومع هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه. وهم بلا شك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً، وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية.
فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه.
س٣٩: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر. فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟