يَقُولُ تعالى بعد ذكره الْمُشْرِكِينَ، الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ مُجَالَسَةِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَافْتَخَرُوا عَلَيْهِمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَحْسَابِهِمْ، فَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا بِرَجُلَيْنِ، جَعَلَ اللَّهُ لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ، أَيْ بساتين من أعناب محفوفتين بالنخيل الْمُحْدِقَةِ فِي جَنْبَاتِهِمَا وَفِي خِلَالِهِمَا الزُّرُوعُ، وَكُلٌّ مِنَ الْأَشْجَارِ وَالزُّرُوعِ مُثْمِرٌ مُقْبِلٌ فِي غَايَةِ الجودة (نقل السهيلي: عن محمد ابن الحسن المقري: اسم الخيَّر من الرجلين (تمليخا) واسم الآخر (فوطيس) وأنهما كانا شريكين، ثم اقتسما المال، فصار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، فاشترى المؤمن منهما عبيداً بألف وأعتقهم، وبالألف الثانية ثياباً وكسا العراة، وبالألف الثالثة طعاماً وأطعم الجياع، وبني أيضاً مساجد، وفعل خيراً - وأما الآخر: فنكح بماله نساء ذات يسار، واشترى دواب وبقراً فاستنتجها فنمت له نماء مفرطاً، واتجر بباقيها فربح حتى فاق أهل زمانه غنى. وأدركت الأول الحاجة فأراد أن يستأجر نفسه في جنة يخدمها فقال: لو ذهبت إلى شريكي وصاحبي فسألته أن يستخدمني في بعض جناته رجوت أن يكون ذلك أصلح لي، فجاء فلم يكد يصل إليه من غلظ الحجاب فلما دخل عليه وعرفه سأله حاجته، قال: ألم أكن قاسمتك المال شطرين، فما صنعت بمالك؟ قال: اشتريت به من الله، ما هو خير وأبقى. قال: أئنك لمن المصدقين، ما أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً، وما أراك إلا سفيهاً، وما جزاؤك عندي على سفاهتك إلا الحرمان. أو ما ترى ما صنعت أنا بمالي حتى آل إلى ما تراه من الثروة وحسن المال؟ وذلك أني كسبت وسفهت أنت، أخرج عني. ثُمَّ كَانَ مِنَ قصة هذا الغني ما ذكره الله في القرآن من الإحاطة بثمرها وذهابها أصلاً. وفي عجائب الكرماني، قيل: كانا أخوين في بني إسرائيل، أحدهما مؤمن اسمه (تمليخا) وقيل: (يهوذا)، والآخر كافر اسمه (نطروس) وهما المذكروان في سورة الصافات {قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يقول أئنك لمن المصدقين} الآية). ولهذا قال: