للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{كِلْتَا الجنتين آتَتْ أُكُلَهَا} أي أخرجت ثمرها {وَلَمْ تَظْلِم مِنْهُ شَيْئاً} أي لم تَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا {وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً} أَيْ والأنهار متفرقة ههنا وههنا {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} قِيلَ، الْمُرَادُ بِهِ الْمَالُ، وقيل: الثمار، وهو أظهر ههنا، {فَقَالَ} أَيْ صَاحِبُ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ {لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} أَيْ يُجَادِلُهُ وَيُخَاصِمُهُ، يَفْتَخِرُ عَلَيْهِ وَيَتَرَأَّسُ {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} أَيْ أَكْثَرُ خَدَمًا وَحَشَمًا وَوَلَدًا، قَالَ قَتَادَةُ: تِلْكَ وَاللَّهِ أُمْنِيَةُ الْفَاجِرِ، كَثْرَةُ الْمَالِ، وَعِزَّةُ النَّفَرِ. وَقَوْلُهُ: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} أَيْ بكفره وتمرده وَتَجَبُّرِهِ وَإِنْكَارِهِ الْمَعَادَ، {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} وَذَلِكَ اغْتِرَارٌ مِنْهُ، لَمَّا رَأَى فِيهَا مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ فِي جَوَانِبِهَا وَأَرْجَائِهَا ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَفْنَى وَلَا تَفْرَغُ وَلَا تَهْلَكُ وَلَا تُتْلَفُ، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ وَضَعْفِ يَقِينِهِ بِاللَّهِ وَإِعْجَابِهِ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وَكُفْرِهِ بِالْآخِرَةِ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً} أَيْ كَائِنَةً، {وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً} أي ولئن كان معاد ورجعة إِلَى اللَّهِ ليكوننَّ لِي هُنَاكَ أَحْسَنَ مِنْ هذا الحظ عِنْدَ رَبِّي، وَلَوْلَا كَرَامَتِي عَلَيْهِ مَا أَعْطَانِي هَذَا، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى}، وَقَالَ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مالا وولدا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>